Back

تيسير الحوكمة في سنجار

تيسير الحوكمة في سنجار: ردم الفجوة بين المجتمع والسلطة

الملخص التنفيذي

بعد مرور أكثر من عقد على تحرير سنجار من داعش، لا تزال المنطقة غارقة في شلل سياسي وهشاشة مؤسسية وتعثر في عملية التعافي ونقص طويل الأمد في الحوكمة. وعلى الرغم من التعهدات المتكررة والتدخلات المتعددة المدعومة محلياً ودولياً، لم تنجح بغداد ولا أربيل في توطيد سلطتها أو إنشاء آليات فعالة للحوكمة هناك. وقد أسفر الجمود الإداري الحالي، بالإضافة إلى تعدد الأجهزة الأمنية وتنافسها، عن حدوث حالة من الانفصال بين الجمهور والسلطات، وقوض احتمالات المصالحة المجتمعية، وخلق عوائق هيكلية أمام الانتعاش والتنمية وتوفير المساعدات المستدامة في قضاء سنجار. وإذا لم تُتخذ إجراءات حاسمة بعيدة عن التسييس ومرتكزة على الشمول، فإن سنجار ستبقى قضاءً هشًّا ومهمشًا يرزح تحت ثقل انعدام الثقة.

ومن أجل التوصل إلى حلول عملية لسد الفجوة بين المواطنين والسلطات والتوسط في شؤون الحكم، أجرت مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري) دراسة ميدانية واسعة النطاق، شملت مراجعة شاملة للمنشورات، واستطلاع آراء 656 من سكان سنجار الحاليين والنازحين داخلياً، فضلاً عن إجراء مقابلات مع 78 من المصادر الرئيسية للمعلومات. وأعقب ذلك 11 جلسة حوار جماعي داخل المجتمع المحلي وجلستين حواريتين بين المجتمعات المحلية، أفضت جميعها إلى إنشاء ‘منصة ذوي الشأن في سنجار’، كمنبر جديد للتفاعل بين سكان سنجار وحكومة محافظة نينوى.

النتائج الرئيسية المستخلصة من أرض الواقع

جمود سياسي وحوكمة مشتتة: تمارس الأطراف المتنافسة نفوذاً كبيراً على سنجار، غالباً على حساب فعالية الإدارة في سنجار. وقد أصبح الفشل المشترك في تعيين قائمقام لسنجار السبب الرئيسي لعدم إحراز أي تقدم في اتفاق سنجار لعام 2020 وعجز الدولة عن الفصل في النزاعات أو تنفيذ القرارات.

تعثر عملية إعادة الإعمار وقصور في تقديم الخدمات: على الرغم من تخصيص أموال كبيرة لسنجار، إلا أن عملية إعادة الإعمار ظلت بطيئة وغير متكافئة في أعقاب التدمير شبه الكامل للبنية التحتية العامة والمنازل السكنية خلال حرب داعش. ولا تزال الخدمات التي تقدمها الحكومة بدائية وغالباً ما تكون مسيسة: فإمدادات المياه شحيحة، ومرافق الرعاية الصحية تعاني من نقص في الموظفين أو لا تعمل بشكل فعال، كما أن نظام التعليم مجزأ على مسارات متنافسة وغير متوافقة بين نظامي بغداد وأربيل. ونتيجة لذلك، لا يزال آلاف الطلاب النازحين غير قادرين على الالتحاق بنظام التعليم العالي في العراق, وبالتالي لا يمكنهم الحصول على وظائف في القطاع العام خارج إقليم كردستان العراق.

عقبات التعويض: لم يحصل سوى عدد محدود من الإيزيديين على سندات ملكية رسمية للأراضي حتى منتصف عام 2025، وحصل عدد أقل بكثير من الناجيات الإيزيديات على قطع الأراضي الموعودة. كما أدت الإجراءات المطولة وغياب الوثائق والفساد المبلغ عنه إلى تفاقم اليأس والشك تجاه عملية التعويض. وقد أدى تسييس الإجراءات والتأخير البيروقراطي والمتطلبات غير العملية إلى مزيد من التقويض لقانون الناجيات رقم 8.

تنافس سرديات المظلومية بين المجتمعات: يطرح الإيزيدية والعرب السنة روايات متوازية ومتعارضة سببت في عرقلة المساعي الرامية إلى المصالحة، مانعا في الوقت نفسه العديد من الأشخاص من كلا الجانبين من العودة إلى ديارهم. فالسرديات التي يطرحها الإيزيدية تركز على المظلومية الوجودية والإبادة الجماعية والخيانة التي ارتكبت بحقهم، بينما يسلط العرب السنة الضوء على الانتهاكات الانتقامية والإقصاء ومخاوف التغيير الديموغرافي.

فجوة ثقة متزايدة: تعتبر مجتمعات سنجار أن بغداد وأربيل تسيسان قضية النزوح لتحقيق مكاسب انتخابية واقتصادية. وغالباً ما يتم التعبير عن المظالم بشكل منفرد وفي غياب آلية تجمع بين الأهالي والجهات الحكومية المعنية.

منصة أصحاب الشأن في سنجار (SSP): نموذج لحوكمة قائمة على التشارك

ولسد هذه الفجوة، قامت ميري بتطوير وتجربة عملية منظمة وتدريجية لإرساء الأساس اللازم لإنشاء آلية حوكمة شبه رسمية، أطلق عليها اسم منصة أصحاب الشأن في سنجار (SSP). وقد دُشنت هذه المنصة في نوفمبر 2024، وجمعت بين مختلف الجهات الفاعلة في المجتمع المحلي والجهات التنفيذية المحلية في نينوى، بما في ذلك المحافظ ونائب المحافظ ومديرو مختلف الدوائر العامة. وأثبتت منصة أصحاب الشأن في سنجار قدرتها على:

  • إنشاء قنوات اتصال مباشرة بين السلطات والمواطنين؛
  • ترجمة المظالم إلى مطالب قابلة للتنفيذ (مثل الطرق، والصحة، والتعليم، ودعم الناجين)؛
  • بناء الثقة والتعاون التدريجي بين المجتمعات وذلك من خلال الحوار الشامل القائم على حل المشكلات المشتركة والتحاور مع الحكومة المحلية.

انعكاسات سياساتية

أظهرت تجربة منصة أصحاب الشأن في سنجار (SSP) التجريبي ما يلي:

  1. إمكانية إزالة الطابع السياسي عن تقديم الخدمات الأساسية. إذ يمكن عزل تقديم الخدمات من قبيل توفير المياه والصحة والتعليم والطرق عن التدخلات الحزبية والسياسية من أجل إعادة بناء ثقة المواطنين.
  2. إمكانية إضفاء الطابع المؤسسي على هذا الشكل التشاركي من الحوكمة: أظهرت المشاركة النشطة للجهات الفاعلة والسلطات أهمية نموذج منصة أصحاب الشأن في سنجار في دعم المجتمع وفي تسهيل العمل بطريقة متبادلة المنفعة، وبالتالي، يمكن أن يمهد الطريق لاعتماده وإضفاء الطابع الرسمي عليه ضمن آليات صنع القرار. وتجدر الإشارة إلى أن المنصة لا تعتبر بديلا لمجلس محافظة نينوى أو أي هيئة رسمية أخرى، بل هي مكملة لها.
  3. تيسير وتسهيل إجراءات عملية التعويضات ودعم الناجين من خلال تبسيط الإجراءات وإزالة المتطلبات القانونية غير العملية وضمان الشفافية في صرف التعويضات.
  4. يمكن أن تعالج السرديات المتنافسة حول موضوع المظلومية من خلال توفير فرص لتعزيز آليات المساءلة ومعالجة المظالم ومنع السرديات المتشددة من إثارة صراع جديد
  5. تشكل هذه الآلية نموذجًا جديدًا ومؤثرًا يمكن تطبيقه في المناطق الأخرى المتأثرة بالصراعات في العراق وخارجه.

انقر هنا لتحميل التقرير الكامل باللغة العربية.

Comments are closed.