أتهمت التقارير الأخيرة التي نشرتها المُنظمات الدولية المُدافعة عن حقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، أتهمت القوات المسلحة في العراق بانتهاك “قواعد السلوك” المُقرة في القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، على وجه التحديد. وتضمنت تقاريرها ادعاءات حول إساءة معاملة الأقليات العرقية والدينية؛ في ظِل غياب الإجراءات القضائية الرادعة. وأشارت إلى حدوث حالات من الإعدام خارج نطاق القضاء، والتهجير القسري، وحِصار المُجتمعات المحلية، ومُمارسة التعذيب. كما أثارت تلك التقارير مسألة التدمير التعسفي للمنازل والممتلكات الخاصة، والتي طالت حتى قرى بأكملها. لم تنجو قوات البيشمركة التابعة لإقليم كوردستان من تلك الانتقادات، وتضمنت تلك التقارير تسليطاً للضوء على مختلف قوات الأمن، الحكومية منها او المدعومة من الحكومة العراقية، ومُقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حيث أتهمتها بارتكاب جرائم حرب،وممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان.
معروف أن الحرب تُبرز أسوء ما في البشر، وتكشف الوجه القبيح للطبيعة البشرية؛ وبناء على ذلك، فأن مبادئ “القانون الدولي الإنساني” يتم تقديمها بقصد منع حدوث أسوء أشكالا لعنف المُمكنة والمتوقعة، من خلال فرض قواعد سلوكية على العمليات القِتالية أثناء الحروب. حالياً، ثمة ما لا يقل عن 196 دولة تعرف بشرعية القانون الدولي الإنساني، وهي تلك الموقعة على نصوص “اتفاقيات جنيف”. لكن تلك التواقيع لم تضمن “الامتثال الكامل” لقواعد هذه الاتفاقيات، خصوصاً وأن عدداً مُتزايداً من الصراعات باتت تشملُ جهات فاعلة غير سيادية، حتی يُسمح لها التوقيع علىهذه المُعاهدة. لكن هذا لا يعني بالضرورة بأن هذه الجهاتالفاعلة – غير السيادية – أقل رغبة أو تمسكاً بمبادئ القانون الدولي الإنساني.“نحن واعون بمنظومة حقوق الإنسان، والأسس القيمية الذي تقوم عليه قوات البيشمركة، هي التضحية في سبيل الحرية و حقوق الإنسان “، هذا ما أكده مسؤولو البيشمركة بتاريخ 28 فبراير عام 2016 ، أثناء المائدة المُستديرة التي نُظمت في مقر مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري)، بالتعاون معمُنظمة “نِداء جنيف”، وهي مُنظمة سويسرية غير حكومية،مُكرسة لتعزيز احترام “القانون الدولي الإنساني” بين الجهاتالمُسلحة المُتصارعة غير الحكومية أثناء النزاعات المُسلحة.
وكانت هذه المائدة الأولى ضمن سلسلة من خمس موائدمستديرة؛ تهدف إلى إشراك أصحاب العلاقة الرئيسيين، بمافي ذلك وزارة البيشمركة (وزارة الدفاع في اقليم كردستان)، وأعضاء من التحالف الدولي، وطيف من المنظمات الحكومية وغير الحكومية الدولية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لبناء حوار مُحيط بسير العمليات القِتالية المُتبادلة بين القوات المسلحة في المنطقة. أن الحرب الطويلة في مواجهة داعش، أوصلت إقليم كوردستان العراق حد استنفاذ قوته. لكن دعم حلفائه من التحالف الدولي، قد رفع من قُدرة البيشمركة على تحدي قوات داعش واحتواء فاعليته، وأن يستمر في مواجهته في ساحات المعارك كل يوم. وأن وزارة البيشمركة تؤكد على احترام حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني، وأن ذلك جزء لا يتجزأ من تدريبات البيشمركة وعقيدتها.
فقد أكد أحد قادة البيشمركة، من ذوي الرُتب الرفيعة في وزارة البيشمركة، على أن وزارته لا تُجيز أية انتهاكات لحقوق الإنسان. وأنه بغض النظر عن طبيعة و تعقيدات الحرب الراهنة، فأن مسؤولي البيشمركة لا ينكرون بأن انتهاكات قد حدثت؛ رُغمإ دعائهم بأن هذه الانتهاكات ذات طابع فردي، وأن المقاتلين المُرتكبين لتلك الإنتهاكات، إنما مُنحرفون عن مبادئ البيشمركة، التي تلتزم بها بشكل دائم. مع ذلك، فقد أظهر مسؤولو حكومة إقليم كردستان و قادة البيشمركة الذين شاركوا مؤسسة ميري و مُنظمة “نِداء جنيف” رغبتهم في الانضمام إلى مبادئ القانون الإنساني الدولي، وأظهروا التزامهم بالحد من هذه الانتهاكات مُستقبلا. وفقا لذلك، فقد أقرت المُنظمات المتعاونة ضرورة تطوير آليات إضافية للمسائلة والوقاية.
يرجی النقر هنا لتحميل التقرير باللغة العربية و الإنجليزية.