خلود سلام
غالبية النساء يدخلن البرلمان العراقي من خلال نظام الكوتا، ورغم نشاطهن المقارب لنشاط النواب الذكور قياسا لحجم تمثيلهن، إلا أنهن لم يقدمن للمرأة خدمات أو مشاريع لتحسين أوضاعها أو دعم مساواتها في الحقوق مع الرجل.
“أريد أنتخب مرشحة تضمن حقي بحضانة طفلي” تقول رحاب (اسم مستعار) وهي تحدق في صورة مرشحة للانتخابات البرلمانية تظهر فيها مبتسمة وهي تعد المواطنين بـ”دولة قوية” وفق ما يحمله شعار حملتها.
تضيف السيدة الثلاثينية، مُعلقةً على الصورة وهي تهم بدخول الشركة التي تعمل مديراً مفوضاً لها في منطقة المنصور الراقية وسط بغداد “هناك أشياء كثيرة تخص حقوق النساء على المرشحات الدفاع عنها بدل تقديم وعود عامة هي اقرب الى الاحلام”.
رحاب امرأة منفصلة حديثاً وأم لطفل لم يكمل عامه الأول، تربيه بمفردها بعد تخلي الأب عنه. تعبر عن مخاوفها من خسارة حضانة إبنها: “أشعر بالقلق كلما نظرت في عيني إبني … لا أخاف في حياتي شيئاً أكثر من أن يأخذوه مني ذات يوم”.
وتتابع: “تلك الحملة التي أطلقها عدد من النواب لتعديل المادة 57 ترعبني.. أخاف أن أخسر طفلي الذي أبذل كل ما بوسعي لأوفر له حياةً كريمة.. أخشى من محاولات تغيير القوانين المدنية التي تضمن حضانة الأم لأطفالها بعد الإنفصال عن الزوج”.
وكان مجلس النواب أنهى في الأول من تموز يوليو القراءة الأولى لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة الذي يمنح الأم الحق بحضانة طفلها حتى عمر 15 سنة وقد تم إرجاء النظر فيه بسبب الانتخابات المبكرة. وأدان تجمع النساء المدنيات في العراق التعديل المقترح في بيان منشور.
في خضم الحملات الدعائية المتصاعدة للانتخابات المقررة في 10 تشرين الاول المقبل، لم تحسم رحاب أمرها في المشاركة. تشيح بوجهها جانباً وتردف معبرة عن عدم قناعتها بدور البرلمانيات “ألا يفترض أن يعملوا على سن قوانين تحميني وتحمي جميع الأمهات الحاضنات؟. قوانين تنصف النساء… المشكلة أني لا أجد أياً منهن”.
لا نثق بوعودهم
ما تشير اليه رحاب، تؤكده بيان أحمد، التي تخرجت منذ خمس سنوات من كلية الهندسة لكنها لم تجد وظيفة تناسبها. تقول “وأنا أشاهد الإعلانات الانتخابية المنتشرة في كل مكان سواء في الشارع وعلى واجهات البنايات أو في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، أبحث عن مرشحين يتعهدون بمعالجة مشاكلي ومشاكل بقية الخريجات، فنحن مثلا لا نحظى بفرص تعيين موازية للرجال ويصعب علينا العمل في القطاع الخاص ان توفر”.
وتضيف:”نحن بحاجة الى برامج واقعية تشجعنا على المشاركة، كل ما نسمعه مجرد وعود غير منطقية .. لا ثقة لدينا بمن يطلق وعودا دون تحديد طريق معين لتنفيذها”.
“هي الوجوه ذاتها نرى صورهم ونسمع أصواتهم فقط أيام الإنتخابات، وعندما يصلون إلى البرلمان لا نسمع لهم كلمة” يقول سائق سيارة الأجرة عمر وهو يشير إلى لافتة كبيرة لأحد مرشحي دائرته.
يضيف ساخراً: “بعض المرشحين لافتات دعاياتهم أكثر فائدة منهم، فهي تتيح فرص عمل لبعض الكسبة وهي تقينا حرارة الشمس إذ نقف في ظلها بانتظار الزبائن لنقلهم”.
يتابع أيوب وهو يتحدث عن الانتخابات بينما يمر بلافتة كبيرة لمرشحة شابة: “الرجال الذين يسيطرون على كل مفاصل البرلمان لم يستطيعوا فعل شيء ولم يقدموا شيئا للشعب، فماذا يمكنك ان تفعلي يا عزيزتي؟”.
حجم التمثيل النسوي ودوره
يلزم الدستور العراقي الأحزاب السياسية بتخصيص ربع مقاعد البرلمان للنساء وفق نظام الكوتا، بما يضمن حصول 25% من النساء على مقاعد في البرلمان حتى لو حصلن على عدد اقل من الأصوات مقارنة بالرجال ضمن كتلهن.
وإذا استثنينا بعض البرلمانيات المعروفات كماجدة التميمي وحنان الفتلاوي، فإن الغالبية ينجحن عن طريق أصوات الكتلة، ولا يحصدن أصواتاً كافية تمكنهن من الفوز مباشرةً وليس من خلال الكوتا. “وهذا ما يضعف دور النساء في البرلمان ويجعل قدرتهن على فرض مطالبهن أمراً بعيد المنال” بحسب الناشطة المدنية سهى قادر.
تقول قادر:”الأحزاب عموما تنظر للنساء في البرلمان كمجرد أرقام بلا دور حقيقي، بعد أن فرض الدستور وجودهن التكميلي للصورة”.
وهذا الدور الضعيف يظهره تحليل بيانات النائبات اللائي يشغلن 87 مقعدا من اصل 329 مقعدا، ومقارنتها بنشاط النواب المنشورة في موقع المرصد النيابي العراقي المعني بتوثيق نشاط نواب البرلمان.
ويقاس الدور التشريعي للنواب بما يساهمون به من مقترحات مشاريع القوانين أو تعديلات على القوانين الموجودة، بالإضافة الى الاعتراضات والمساءلات والاستجوابات لأعضاء الحكومة.
ويظهر تحليل البيانات أن من بين كل 25 برلمانيا هناك 19 رجلا ساهموا باقتراح قوانين داخل قبة البرلمان، مقابل 6 نائبات قمن بذات المساهمة.
وبما أن نسبة النساء في البرلمان العراقي لا تتعدى ربع عدد النواب الكلي، فذلك يعني أن نشاط النائبات الإناث أقل بقليل من نشاط النواب الذكور، ويتوافق تقريباً مع نسبة تمثيلهن تحت القبة.
ويكشف التحليل أيضاً أن من بين كل مشاريع القوانين المقترحة، لا يوجد مشروع قانون يختص بتحسين أوضاع النساء سوى مشروع القانون الذي تقدمت به لجنة العلاقات الخارجية وهو قانون انضمام جمهورية العراق الى اتفاقية حماية الأمومة رقم (183) لسنة 2000 وتمت المصادقة عليه.
أما لجنة المرأة والأسرة والطفولة، والتي تتكون من ستة برلمانيات فلم تتقدم بأي مشروع يذكر، ولم يسجل لأي من أعضائها أي نشاط تشريعي أو رقابي خلال الدورة الحالية.
نصف اعضاء البرلمان غير فاعلين
بقياس مستوى فاعلية أعضاء البرلمان رجالاً ونساءً، وجدنا أن من بين كل عشرة نواب لا يقوم بالمداخلات والاعتراضات والمساءلات والاستجوابات سوى خمسة نواب ينقسمون بين امرأة واحدة وأربعة رجال، وهو توزيع يتناسب تقريباً مع التمثيل النيابي للنساء والذي يبلغ الربع.
ترى الدكتورة نهلة العنزي الأكاديمية والناشطة النسوية، أن المشاركة الفاعلة للمرأة في المؤسسة التشريعية مؤشر على رقي المجتمع وثقافته لما تشكله من تأثير لتحقيق المصالحة الوطنية وإحداث التغيير الاجتماعي المنشود.
لكن العنزي، لا تبدي تفاؤلاً بتحقيق التغيير المطلوب في المرحلة المقبلة “لأن الوجوه مازالت ذاتها وكثير من الكفاءات النسوية تنأى بنفسها عن الترشح لقناعتها بعدم قدرتها على العمل وسط شبكة الفاسدين التي تتحكم وتهيمن على صناعة القرار السياسي، لذا نرى ان أغلب من ترشحن هن واجهات للأحزاب وديكور وطامحات بامتيازات المنصب ليس إلا”.
ورغم القبول المجتمعي لمشاركة النساء والايمان بأهليتهن في اعتلاء المناصب السياسية وقدرتهن على تمثيل الشعب داخل البرلمان وفي المناصب الحكومية إلا أن الدور الذي تلعبه البرلمانيات العراقيات ما يزال موضع تشكيك.
إذ أن من بين كل عشرة رجال يرى سبعة منهم أن المرأة يمكنها تولي موقع القيادة السياسية، يقابلهم ثمانية نساء من كل عشرة، كما جاء في نتائج استطلاع موجه إلى الشباب من عمر 10 الى 30 سنة أجرته الأمم المتحدة عام 2011 .
إلا أن ذات التقرير يذكر أن دور البرلمانيات ضمن اللجان التي يعملن بها مازال بعيدا عن إمكانية تعديل القوانين وإصدار أخرى تساهم في تحسين وضع النساء، وهو ما يؤكده تحليل بيانات نشاط لجنة المرأة والأسرة والطفولة التي لم تتقدم بأي مشروع قانون خلال الدورة الانتخابية الحالية.
كما تظهر نتائج البحث المشترك للمعهد العراقي وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) أنه رغم تقبل المجتمع لمشاركة المرأة سياسياً، إلا أن البرلمانيات العراقيات منقادات وغير فاعلات ضمن العملية السياسية.
نشاط البرلمانيات ضمن اللجان
يتكون البرلمان العراقي، من 24 لجنة برلمانية تعنى بمهام مختلفة، وتضم معظم اللجان نائبات وبنسب متفاوتة الى جانب النواب الرجال.
وللنساء حضور متوازن في بعض اللجان البرلمانية كلجنة الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ولجنة العمل والهجرة والمهجرين ولجنة التربية، وهن يترأسن أربعة لجان هي “لجنة المرأة والأسرة والطفولة، والإعلام والثقافة، ومؤسسات المجتمع المدني” بينما تخلو لجان “الشباب والرياضة، والإتصالات والإعلام” من التمثيل النسوي تماما.
وتؤدي النساء دوراً يوازي حجم تمثيلهن في اللجان البرلمانية المختلفة، وبحساب دورهن نسبةً لأعدادهن في 16 لجنة برلمانية نجد ان دورهن التشريعي أعلى مقارنة بدور الرجال ونسبةً الى أعدادهم، فيما كان الدور التشريعي للرجال أكبر في سبعة لجان برلمانية، بينما تساوى دور النساء مع الرجال في لجنة واحدة هي لجنة التربية النيابية.
أصوات المرشحات تذهب للكتلة
حصلت 22 إمرأة في الدورة الانتخابية الحالية على أعلى الأصوات ضمن الكتل التي ترشحن خلالها، لكن جرى احتساب فوزهن ضمن المجموع الكلي للكوتا، وبالتالي كانت الكتلة هي المستفيدة من النجاح الذي حققنه في الانتخابات، الأمر الذي ينعكس على زيادة عدد المقاعد التي يشغلها الرجال في البرلمان.
فالأصوات التي تحصدها المرشحة سواء كانت أقل او أكثر من العدد اللازم لنجاحها مباشرة، لا تحتسب بسبب دخولها اعتمادا على الكوتا وبالتالي تذهب تلك الأصوات الى الكتلة، فيما يحتاج الرجال الى كامل الأصوات التي يحصدونها، وفي حال لم يحصد أحد المرشحين الأصوات المطلوبة فان اصوات الكتلة تذهب اليه ليفوز بالمقعد.
وبتحليل بيانات البرلمانيات ونشاطهن ضمن الكيانات السياسية التي ينتمين لها، يظهر أن الكيانات الأعلى تمثيلا للنساء، كالمجلس الأعلى الاسلامي العراقي والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري واللذان تمثلهما نائبتان لكل كيان، تتقدمان من ناحية النشاط التشريعي على حركة الصدق والعطاء الممثلة بنائبين أيضا (رجل وامرأة) لكن النشاط التشريعي للنائبة شكل نحو 80% من نشاط الكتلة.
وتمثل النساء نصف اعضاء “بيارق الخير” و”الحل1″ واللذان يتفوق فيهما الدور التشريعي للنساء على الرجال. فيما يلاحظ ضعف او غياب الدور التشريعي للنساء عن غالبية الكيانات السياسية الأخرى المشكلة للبرلمان مع تفاوت نسبة التمثيل النسوي فيها.
أما الكيانات الأعلى من حيث عدد الأعضاء في البرلمان، فلم تكن هي الأعلى نشاطاً من ناحية دور النساء. فـ “حزب الاستقامة” الذي تبلغ نسبة النساء فيه الثلث تقريباً، وهو الأكثر نشاطا من حيث الدور التشريعي حيث يتقدم بمشروع قانون واحد من كل سبعة مشاريع قوانين تطرح تحت قبة البرلمان، لا تساهم النساء فيه سوى بتقديم مشروعي قانونين مقابل كل عشرة مشاريع قوانين تتقدم بها الكتلة، حيث نشاط النساء يمثل أقل من 20% من نشاط الكتلة.
ويليه من حيث عدد الأعضاء “ائتلاف النصر” والذي يتقدم بمشروع قانون واحد من كل ثمانية مشاريع، والذي تتجاوز نسبة تمثيل النساء فيه الثلث بقليل، تساهم البرلمانيات فيه بنشاط تشريعي واحد مقابل كل ثلاثة أنشطة للكتلة. حيث أن نشاط النساء يبلغ اكثر من 30% من نشاط الكتلة.
دوافع الاختيار والشهادة العلمية
يبحث الناخب في الغالب عن مقومات معينة في المرشحين لاتخاذ قراره بشأن التصويت لهم من عدمه بينها ما يتعلق بالطائفة والدين والانتماء القبلي.
لكن هناك مقومات اخرى، كالتحصيل العلمي وخبرة المرشحة والتي تتجسد عادة في عدد الدورات الانتخابية التي تواجدت فيها، وهذه تعطي مؤشرات عن مدى فعالية البرلمانيات والأدوار التي يمكن ان يلعبنها، والتي تساهم عموما في تشكيل قناعة الناخب وقراره في اختيار المرشح المناسب.
وإذا قارنا توزيع النائبات النساء وفق التحصيل العلمي مع النواب الرجال، نجد أن بين كل عشرة نساء هناك ثلاثة يحملن شهادة عليا وسبعة أكملن التعليم الجامعي والثانوي، فيما تقل النسبة عند الرجال وتبلغ بين كل عشرة نواب، نائبين اثنين يحملون شهادات عليا، وثمانية نواب أكملوا التعليم الجامعي أو الثانوي.
وينبه الدكتور ليث الزبيدي أستاذ العلوم السياسية، الى أهمية التحصيل العلمي والأكاديمي في أداء البرلمانيات، كون المعارف والخبرات العلمية بالغة التأثير على مستوى اداء البرلمان وتنفيذه لأدوراه بفعالية.
يقول الزبيدي:”في ظل ظروف العراق والتخلف الذي يعاني منه، من الضروري أن يكون المرشحون للبرلمان من الحاصلين على تخصصات علمية تناسب وظائف النواب، كامتلاك شهادات في القانون أو العلوم السياسية أو الإدارة واﻻقتصاد حتى نستطيع أن ننهض بالعراق لأن مهمة البرلمانيين هو التشريع والرقابة والمحاسبة وخير من يقوم بهذا الواجب هم من يملكون خبرات في تلك التخصصات”.
ويشدد على ضرورة “ادخال الفائزين بالإنتخابات في دورات تأهيلية بهذه التخصصات حتى يستطيع البرلماني أداء واجبه بشكل صحيح، أسوة بما معمول به في عدد من الدول العربية”.
الخبرة تزيد فاعلية النائبات
بمقارنة عدد مشاريع القوانين التي يتم اقتراحها من قبل النواب على البرلمان للمصادقة عليها، نجد أن لكل 25 مشروع قانون، تشارك النساء بـ 6 منها مقابل 19 يشارك بها رجال.
وبقياس مشاركات النساء مع نسبة تمثيلهن في البرلمان والتي لا تتجاوز ربع المقاعد (25%)، يتضح أن دور النساء التشريعي كان أقل في أكثر من دورة مقارنة بنسبة تمثيلهن.
ففي الدورتين الانتخابيتين الأولى والثانية بلغت مشاركة النساء في مشاريع القوانين المقترحة، مشروعين اثنين مقابل ثماني مشاركات للرجال (أي 2 من مجموع 10). وازدادت النسبة بشكل طفيف فوصلت الى ثلاث مشاركات للنساء مقابل سبع مشاركات للرجال في الدورتين الثالثة والرابعة (أي 3 من مجموع 10).
ويتباين الدور والتأثير التشريعي للنائبات من محافظة الى أخرى، فبالرغم من أن تمثيل النساء في محافظتي ذي قار والبصرة لا يتجاوز نائبة واحدة لكل أربعة نواب ذكور، إلا ان النائبات في المحافظتين هن الأكثر نشاطا فيما يخص الدور التشريعي، إذ تتقدمن بمشروع قانون من كل ثلاثة مشاريع مقدمة.
وتلك النسبة هي أعلى من الدور التشريعي للنائبات عن العاصمة بغداد، واللواتي يشاركن بمشروع قانون واحد من كل خمسة مشاريع مقدمة. فيما كان الدور التشريعي للمحافظات الأكثر تمثيلا للنساء وهي السليمانية والانبار قليلا بشكل عام وللنساء على وجه التحديد.
قوانين تنتظر التشريع
ذلك الضعف في الأدوار التشريعية للنساء داخل البرلمان والذي يفرضه قلة عددهن مقارنة بالرجال، هو ما أدى الى تعطل اقرار العديد من القوانين المهمة بالنسبة للنساء والتي بعضها تعلق لسنوات في أروقة البرلمان.
تقول الناشطة نهلة العنزي إن “الكثير من القوانين تراوح مكانها في البرلمان كقانون الحماية من العنف الأسري وقانون جرائم المعلوماتية، وإن المرأة هي المتضرر الأكبر من عدم تشريعها”.
وترى العنزي أن تمثيل النساء بربع مقاعد البرلمان لم يأتي وفق امكانياتهن، بل جاء وفقا لنظام الكوتا الذي فرضه الدستور “لذا نجد ان دورهن لم يرق للمستوى المطلوب لاسيما في الجانب التشريعي، فلم يصبحن صانعات قرار بشكل حقيقي، بل هن في الغالب تابعات لآيديولوجية الأحزاب”.
وتنبه الناشطة المهتمة بحقوق النساء، الى نتائج ذلك على اضعاف دور النساء:”لقد أنقسمن إلى قسمين، جهة تدعم حقوق المرأة وجهة تقف بالضد منها، وهذا الإنقسام يأتي على حساب واقع المرأة وحقوقها”.
وهنا لا تتحمل النساء مسؤولية عجز البرلمان عن أداء واجبه سواء في التشريع أو المراقبة، ففي الوقت الذي ينتظر العراقيون أن يقدم لهم ممثلوهم القوانين والقرارات التي تسهم في إنهاء معاناتهم، هناك أكثر من ١١٥٠ قانونا معطلا من أصل ١٨٤٤ مقترحا تقدم بها أعضاء البرلمان حتى شباط فبراير ٢٠٢١ من عمر الدورة التشريعية الرابعة.
وسط تلك العوائق التي يفرضها الواقع السياسي وطبيعة التمثيل البرلماني، تشكك سيدة الأعمال رحاب، بقدرة البرلمانيات على استحصال حقوق النساء، تقول: “أنا لا أثق بامكانية تمكن التمثيل النسوي من مواجهة الأصوات التي تحاول سلب النساء أبسط حقوقهن.. لم أنتخب سابقا ولا أرغب بالمشاركة في انتخابات يتحكم الرجال فيها بمستقبل النساء”.
لكن الناشطة النسوية سهى قادر، ترى أن لا خيار أمام النساء سوى محاولة تغيير ذلك الواقع “رغم صعوبة المهمة في ظل كتل سياسية تحاول تهميش دور المرأة وجعله دوراً شكلياً”.
تقول قادر:”على النساء المشاركة بفعالية في التصويت لتغيير واقعهن عبر اختيار مرشحات يؤمن بحقوق النساء ويمتلكن الخبرة والكفاءة للدفاع عنها.. وعليهن اختيار اصوات حرة وليس نساء بلا قرار مواليات ايديولوجيا لقوى جاءت بهن وفق متطلبات الانتخابات”.