تمكين المرأة في المناصب القيادية: آفاق متعددة وتحديات قائمة
ركزت هذە الجلسة الحواریة على قضية مهمة، ألا وهي ضعف مشاركة المرأة في صنع القرار. وأكد المتحدثون الأربعة على أن هذا التباين يمثل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة والمساورة والازدهار والسلام والاستقرار.
- اشرف الدهان، مدیر عام مکتب المنظمات غیر الحکومیة العراق
- منی یاقو، رئیسة مفوضیة حقوق الانسان الکوردستانیة
- بیمان رمضان، رئیس جامعة رابرین
- سوزان عارف، تمکین دور المرأة (متحدثة ومحاورة)
وأشار المتحدثون إلى وجود العديد من الخطط والاستراتيجيات والسياسات التي تعمل على تعزيز مكانة المرأة ومشاركتها في العراق وإقليم كوردستان، إلا أنهم سلطوا الضوء على بعض التحديات التي تواجه مشاركة المرأة في الأدوار القيادية.
مشاركة المرأة في صنع القرار
يرى السيد أشرف الدهان، مدیر عام مکتب المنظمات غیر الحکومیة- العراق، أن الحكومة العراقية تُولي اهتمامًا كبيرًا بملف تمكين المرأة، حيث أنشأت دائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، مع فروع في جميع الوزارات والمحافظات. تعمل هذه الدائرة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المعنية بملف المرأة، خاصة في المناطق المتضررة من الإرهاب. كما وأشار إلى أن الحكومة وضعت سياسات وخططًا تدعم مشاركة المرأة في المجتمع، منها الاستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية 2030 بالتعاون مع الأمم المتحددة. ويرى الدهان أن الإحصائيات تشير إلى وجود 298 منظمة فعالة معنية بشؤون المرأة في العراق، 73 منها برئاسة نساء. وأكد أن هذه المنظمات تلعب دورًا بارزًا في تمكين المرأة العراقية، وإحداث التغىير لواقع المرأة في المجتمع العراقي.
ومع ذلك، تواجه الحكومة العراقية بعض التحديات في مجال تمكين المرأة، منها أن بعض شرائح المجتمع تُفكر بشكل مختلف وتعتقد أن للمرأة دورًا محددًا، وأن هناك هجمة ضد موضوع التنوع الاجتماعي تهدف إلى تحييد موضوع تمكين المرأة، بالإظافة إلى قلة التمويل للمنظمات المعنية بتمكين المرأة.
تمكين المرأة في إقليم كوردستان: منظور شامل
لا تقتصر مسألة تمكين المرأة على عدد النساء في مواقع السلطة، بل تتعلق بجوهر المساواة بين الجنسين في إطار المجتمع. ودعت منی یاقو، رئيسة مفوضية حقوق الانسان الکوردستانیة، أحدی المتحدثين إلى التركيز على حقوق الإنسان كإطار شامل، بدلاً من الحديث عن حقوق المرأة والرجل بشكل منفصل، مؤكدا أن المجتمع لن ينعم بالازدهار إلا بتمكين كافة أفراده بغض النظر عن الجنس. كما واستعرضت یاقو الصعوبات التي تواجهها النساء في المجتمع، وأشارت إلى شعور الخوف الذي ينتاب بعض النساء عند تولي مناصب قيادية. بالإضافة إلى ذلك، قدمت تقييمًا نقديًا لنظام الكوتا المخصص للنساء في المناصب السياسية. وشددت على ضرورة العمل الجاد لتغيير البنية الفكرية للمجتمع، مؤكدة أن تحقيق المساواة بين الجنسين لن يتحقق إلا من خلال معالجة جذور المشكلة المتمثلة في العادات والتقاليد وكذلك النقص في الدعم السياسي لمشاركتها.
انتقدت ياقو نظام الكوتا، داعية إلى التركيز على الكفاءة وليس فقط على العدد أو الانتماء الحزبي في تولي النساء للمناصب. كما وجهت انتقادات إلى النماذج التي قدمتها الجهات السياسية، مؤكدة أن وصول المرأة المستقلة إلى المناصب يمثل حركة حقيقية نحو النهضة النسوية. وحثت الشباب والشابات على التركيز على الفكر والرؤى لمواجهة الصورة النمطية التي يروج لها الإعلام للمرأة، والعمل على إثبات جدارتهن وكفاءتهن.
واختتمت المتحدثة حديثها باقتراحات عملية من شأنها تعزيز تمكين المرأة، بما في ذلك التركيز على حقوق الإنسان كمنظور شامل، وتمكين المرأة من خلال التعليم والتدريب، ودعم مشاركتها الفاعلة في المجالات كافة، بما فيها صنع القرار.
أنماط القيادة وتمثيل المرأة
تناول المتحدثون اختلاف أنماط القيادة حسب المجال، وأكدوا على الدور الأسري والاختيار الفردي في مسلك التخصصات والخبرات على مستوى الجامعات. كما أشارت بیمان رمضان، رئيسة جامعة رابرین، إلى ارتفاع نسبة الإناث في جامعة رابرين، وحللوا العوامل التي تؤثر على تمثيل الإناث في الجامعات آخذا جامعة رابرين أنموذجاً.
وأشارت رمضان أنه في البلدان التي تعاني من الحروب أو في الفترات التي تلي الصراعات، غالبًا لا يتم إرسال الفتيات إلى المدارس أو يتم تأخير دراستهن، وتعطي الأولوية لتعليم الذكور. وبما يتعلق بالتعليم، أشارت رئيسة جامعة رابرین بأن الجامعة حالة فريدة، فهي على الرغم من عدم كونها متواجدة في منطقة ليست بمحافظة إدارياً، نجحت في تحقيق توازن ملحوظ بين الجنسين في عدد طلابها. في العام الدراسي الماضي، قبلت الجامعة 5500 طالبًا، منهم 3888 من الإناث. وفي هذا العام، انضم إلى الجامعة 1313 طالبًا جديدًا، كان منهم 854 من الإناث.
هناك عدة عوامل تسهم على ما يبدو في ارتفاع نسبة الإناث في جامعة رابرين. أحد الأسباب المحتملة هو موقع الجامعة، والذي قد يؤثر على التركيبة السكانية للطلاب من حيث الجنس. لا يتردد العديد من العائلات بأُرسال أبنائهم من الذكور إلى جامعات خاصة بعيدة عن مناطق سكنهم، على العكس من الفتيات اللاتي عادة ما ترسلن إلى الجامعات القريبة من أهلهن. ويسلط هذا الاتجاه الضوء على الأعراف المجتمعية السائدة التي غالبًا ما تقيد حركة الفتيات مقارنة بالذكور. كما أن هناك تأثير محتمل للهجرة في زيادة عدد الطالبات على مستوى جامعة رابرين.
أسباب الفجوة المُلاحظة في المناصب القيادية بين الجنسين متعددة. عوامل مثل دعم الأحزاب السياسية، وهو أمر ضروري للتقدم الوظيفي، ودعم الأسرة، الذي يلعب دورًا حيويًا في التطور المهني للأفراد، تساهم في الوضع الحالي. وفي النهاية، تعتمد القدرة على القيادة الفعالة على مهارات وقدرات فردية، والتي يمكن أن تختلف بغض النظر عن الجنس.
في الختام، لا يمكن إنكار أهمية الحوار البناء والمتعدد الأوجه حول قضية تمكين المرأة في المناصب القيادية. من خلال تشجيع الحوار المفتوح، والمبادرات الهادفة إلى تعزيز الكفاءات والقدرات، ودعم السياسات التي تكفل توازن الأدوار، يمكننا السير نحو مستقبل مشرق يضمن مشاركة فاعلة للمرأة في كافة مناحي الحياة العامة، بما في ذلك المناصب القيادية، وتحقيق التنمية المستدامة والازدهار والسلام والاستقرار للجميع.
ملتقی الشرق الأوسط 2023
معالجة أولويات العراق العاجلة
11-10 اکتوبر/تشرين الاول
الجلسة 3: نينوى: تمكين المرأة في القيادة المؤسسية
فيديو الجلسة