Back

تطور العلاقة الشاملة بين الولايات المتحدة والعراق

تطور العلاقة الشاملة بين الولايات المتحدة والعراق

  • ألينا رومانوسكي، سفيرة الولايات المتحدة للعراق
  • هیوا عثمان، صحفي، +964 میدیا (المحاور)

يقدم هذا المستند النص الكامل والمنقح للحوار الذي جرى ضمن ملتقى ميري 2024. شاركت السفيرة الأمريكية لدى العراق، ألينا رومانوسكي، في حوار مفتوح ومعمق مع الصحفي هيوا عثمان حول تطور العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق. تناول النقاش قضايا استراتيجية وحساسة تتراوح من التعاون العسكري والعقوبات والإصلاحات الاقتصادية إلى الأمن الإقليمي والعلاقات مع إيران وموقف الولايات المتحدة في إقليم كردستان. تم تقديم النص الكامل مع بعض التعديلات الطفيفة لأغراض لغوية والوضوح مع الحفاظ على جميع التفاصيل والمحتوى كما ورد على لسان المشاركين.

هيوا عثمان: سأنتقل إلى اللغة الإنجليزية بعد لحظات — لا داعي للقلق، أنا فقط أقدم التعريفات. شكراً جزيلاً، سيدة السفيرة، على قبول الدعوة. نأمل أن يكون هذا الحوار مثمراً صحفياً — فنحن في +964 نتابع تغريداتك بدقة، لكن هناك دوماً أمور لا تظهر أو لا تُقال، لأسباب مفهومة. نود أن نستمع إليها أو نعرف المزيد عنها هنا.

لنبدأ بالفيل في الغرفة — أو بالأحرى الفيل في المنطقة. الولايات المتحدة معروفة بأنها مدافع رئيسي عن حقوق الإنسان، وقد اتخذتم مواقف قوية في السابق. اليوم، يدرك النخبة في العراق أهمية استمرار العلاقة مع الولايات المتحدة. لكنهم في حيرة من موقف واشنطن حيال الفظائع في المنطقة — من عهد صدام في الثمانينيات إلى ما نشهده في غزة اليوم. ماذا تقولين للنخبة العراقية؟

ألينا رومانوسكي: أولاً، أود أن أشكر منظمي منتدى ميري. في كل عام، يجمعون المئات — وأرى أن القاعة ممتلئة اليوم — من الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين والقادة والمفكرين العميقين لمناقشة الأوضاع في العراق والمنطقة. يسعدني المشاركة مجدداً هذا العام في حوار أراه مهماً لتوسيع المعرفة والتفكير في العراق والمنطقة. شكراً جزيلاً لكم على التنظيم.

أنا أنظر إلى دلاور، أظنه في الخلف مشغولاً بترتيباته التنظيمية.

دعوني أتحدث قليلاً عن دور الولايات المتحدة وعلاقتنا الشاملة هنا في العراق. ما نسعى لبنائه لا يزال مستمراً ويشمل مكوناً مهماً للغاية في مجال حقوق الإنسان. كما تتخيلون، العلاقة الشاملة أو 360 درجة — وليس 180 — تعني أننا نعمل في كل المجالات. نسعى للانتقال من علاقة كانت تتركز بشكل كبير على الأمن خلال العقد الماضي إلى علاقة تولي وزناً متساوياً، وربما أكبر، للتجارة والطاقة وحقوق الإنسان والحوكمة وتنمية القطاع الخاص ودعم تطلعات الشعب العراقي، خاصة النساء والشباب، في بناء مستقبلهم.

شهدنا تغيرات كبيرة خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية. وأعتقد أن الولايات المتحدة — كما وصفتنا الفيل الكبير في الغرفة — لكن هناك أيضاً أفيال أخرى كبيرة في المنطقة. كنت محظوظة بالخدمة في العراق خلال العامين والنصف الماضيين للمساهمة في تطوير علاقتنا ضمن مجالات يشملها اتفاق الإطار الاستراتيجي، الذي لا يزال قائماً ويشكل أساس تنظيم علاقاتنا.

فيما يخص المنطقة، فإن فتح هذا المجال للنقاش مع الحكومة العراقية والشعب العراقي حول أوضاع المنطقة أمر بالغ الأهمية. وقد تمكنا من ذلك. إنها قضايا صعبة تواجهها دول المنطقة، بما فيها العراق. لكنها جزء أساسي من عملنا السياسي والدبلوماسي لضمان عدم انجرار هذه المنطقة إلى حرب، سواء عن قصد أو غير قصد.

هيوا عثمان: شكراً. هل رأيتم الطائرات الإسرائيلية وهي تحلق فوق العراق باتجاه إيران؟

ألينا رومانوسكي: هل رأيت أنت الطائرات الإسرائيلية؟ هل رأتها السفارة؟ هذا سؤالك. أنتم تمثلون الولايات المتحدة.

ألينا رومانوسكي: الولايات المتحدة لم تشارك في الضربات الإسرائيلية. العراق دولة ذات سيادة، ونحن لا نسيطر على مجاله الجوي.

هيوا عثمان: بما أننا نتحدث عن السيادة، أود الحديث عن الاقتصاد. يعتمد اقتصاد العراق بشكل كبير على عائدات النفط، وهذه تديرها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. كيف ترين مستقبل العلاقة عند الوصول إلى علاقة 360 درجة؟ خصوصاً مع القيود الحالية على التجارة العراقية، أحياناً مع إيران؟ رأينا مؤخراً أن عمان والإمارات يستطيعان دفع مليارات الدولارات لإيران، بينما يواجه العراق مشاكل مع وزارة الخزانة الأمريكية عندما يحاول دفع مستحقات الطاقة أو الكهرباء، خاصة في الصيف. كيف ترين هذا؟

ألينا رومانوسكي: أولاً، دعوني أوضح: وزارة الخزانة الأمريكية لا تدير قطاع الطاقة العراقي ولا تدير اقتصاده. أريد أن أكون واضحة جداً في ذلك. في إطار جهودنا لتفعيل اتفاق الإطار الاستراتيجي، جعلنا استقلالية الطاقة عنصراً أساسياً في عملنا المشترك، بدءاً من أول اجتماع للمجلس التنسيقي الأعلى تحت مظلة الاتفاق.

هذا شمل عدة خطوات، منها التأكد من استغلال الموارد العراقية بكفاءة. وأحد أهم هذه العناصر كان التقاط الغاز المحترق. كنا نشجع المحادثات مع شركة توتال الفرنسية في هذا الإطار، بما في ذلك تحسين البنية التحتية لقطاع الطاقة. بناء قدرات العراق لاستخدام موارده كان محورياً.

هيوا عثمان: لكن ماذا بين الآن وبلوغ هذا الهدف؟

ألينا رومانوسكي: حققنا الكثير حتى الآن. عملنا أيضاً على تطوير شبكة الكهرباء. تحتاج البلاد إلى شبكة كهرباء حديثة وفعالة لضمان تقليل النقص الذي يعاني منه العراقيون. وقد شارك مختبرنا الوطني في شمال غرب المحيط الهادئ في هذا الجانب. تعاونّا مع وزارة الكهرباء والحكومة العراقية لتعزيز قطاع الطاقة نحو الاستقلالية والاكتفاء الذاتي.

هيوا عثمان: سؤالي كان حول قدرة العراق على دفع الأموال لإيران. هناك مليارات الدولارات في حسابات بنكية يقول المصرفيون إنهم لا يستطيعون تحويلها خوفاً من العقوبات الأمريكية.

ألينا رومانوسكي: لقد قدمتَ لي الجواب بنفسك — الأمر مرتبط بالعقوبات المفروضة على إيران. من يحاول التحايل على العقوبات أو خرقها سيجد نفسه في ورطة.

هيوا عثمان: إذاً لماذا لا تعتبر عمان والإمارات خارقتين للعقوبات عندما تدفعان لإيران؟

ألينا رومانوسكي: لن أخوض في تفاصيل كثيرة هنا. لكن باختصار، نحن نعمل على مساعدة العراق في بناء قطاع طاقة حديث وكفوء ومتصل بجيرانه كالكويت والأردن والسعودية ضمن شبكة كهرباء إقليمية تدعم استقلالية العراق وسيادته، وتجنبه الوقوع في معضلة انتهاك العقوبات.

هيوا عثمان: إذن التجارة مع الجميع باستثناء إيران؟

ألينا رومانوسكي: هناك طرق مسموح بها في ظل العقوبات تتعلق بالمساعدات الإنسانية. الإيرانيون يدركون جيداً ما المقصود بذلك.

هيوا عثمان: بالأمس نُشر خبر عن إغلاق نافذة الدولار بحلول ديسمبر من هذا العام — خلال شهرين. وأثار ذلك قلق القطاع المصرفي بشأن كيفية مواصلة التعامل بالدولار الأمريكي.

ألينا رومانوسكي: الإصلاحات المصرفية كانت من الإيجابيات الكبيرة في العامين الأخيرين. يعمل العراق بنشاط للاندماج في النظام المصرفي الدولي كما ينبغي لأي دولة تسعى للاندماج في الاقتصاد العالمي. قد تحتاج بعض المصارف لإعادة هيكلة علاقاتها مع المؤسسات الدولية، لكن ستظل هناك طرق قانونية للوصول إلى الدولار الأمريكي.

هيوا عثمان: لننتقل إلى الوجود العسكري الأمريكي. نسمع كثيراً عن هذا في بغداد، أقل في كردستان حيث يرحب الأكراد ببقاء القوات الأمريكية إلى الأبد تقريباً. نسمع تصريحات متضاربة — البعض من الأمريكيين يقول إنكم باقون، وآخرون يلمحون للانسحاب. بعض العراقيين يطالبون بالانسحاب الكامل، وآخرون يرون أن العراق غير مستعد بعد. هل العراق جاهز للانسحاب الكامل؟

ألينا رومانوسكي: البيان المشترك الصادر في 27 سبتمبر حول انتقال مهمة التحالف العسكري في العراق خلال العام المقبل مهم جداً. يعكس هذا التقدم الذي حققته القوات الأمنية العراقية — بما فيها قوات إقليم كردستان — في الحفاظ على هزيمة داعش، وهي المهمة التي دُعي التحالف من أجلها قبل 10 سنوات.

قرار الحكومة العراقية بالانتقال إلى علاقات ثنائية — وهو ما يشارك فيه العديد من أصدقائنا هنا — يؤكد قيمة هذه الشراكات الدفاعية. صحيح أن داعش لم يُهزم بالكامل، لكن الضغط المستمر المشترك فعال. هذا القرار جيد ونتج عن نقاشات مدروسة على مدى عام.

هيوا عثمان: لكن من يعارضون هذا الانتقال يزداد نفوذهم، خاصة في بغداد. إن حصل انسحاب كامل، كيف على العراقيين التعامل مع هؤلاء الذين يعارضون الولايات المتحدة ويتقاربون مع الطرف الآخر في النزاع؟ هل يشكلون تهديداً للعلاقة الثنائية المستقبلية؟

ألينا رومانوسكي: كانت مناقشاتنا مع الحكومة العراقية تركز دائماً على ضمان تبعية القوات الأمنية للقائد العام للقوات المسلحة في البلاد. رئيس الوزراء أوضح أن القرارات الأمنية عراقية بحتة.

العلاقة الدفاعية الثنائية التي نبنيها ستبقى قائمة على هذه الحوارات الرسمية. وأنا متفائلة بأننا سنحقق الشراكة المنشودة وفق اتفاق الإطار الاستراتيجي، وهو ما يعزز أمن العراق وصلاته الإقليمية ويثبت سيادته.

هيوا عثمان: كنت مستشاراً للرئيس جلال طالباني ورافقته في زيارات كثيرة، أهمها إلى طهران وواشنطن. في كلا الزيارتين قال: “لا ننظر إلى أمريكا بعيون إيرانية ولا إلى إيران بعيون أمريكية.” هل تتقبلون هذا الموقف من العراقيين اليوم؟

ألينا رومانوسكي: لست متأكدة إن كان سؤالك حول ما إذا كنا نتقبله أم أن العراق يطلب منا تقبله؟

هيوا عثمان: هل ستتفهم الولايات المتحدة احتفاظ العراق بعلاقة خاصة مع إيران بالتوازي مع علاقته بواشنطن؟

ألينا رومانوسكي: العراق دولة ذات سيادة. له أن يرسم علاقته مع إيران كما يشاء. لديهم روابط تاريخية واقتصادية واجتماعية ودينية عميقة ونحن ندرك ذلك. تركيزنا ينصب على تعزيز علاقتنا مع العراق بعد أكثر من عشرين عاماً من العمل المشترك وسفك الدماء معاً من أجل عراق آمن ومستقر وديمقراطي.

نواصل التعاون في مجالات الأمن والتعليم وتنمية القطاع الخاص والتجارة والدعم الاقتصادي. العراق ما زال بحاجة لتحسين بيئة الأعمال، وهذه أولويات عملنا. موقفنا من إيران واضح للجميع، لكن علاقتنا مع العراق تتقدم في عدة مجالات رغم التحديات.

هيوا عثمان: بما أننا في أربيل — تعرضت المدينة لهجومين بصواريخ باليستية قرب القنصلية الأمريكية الجديدة. صاروخ حلّق فوق المدينة، وآخر سقط على بعد 1.4 كلم. وصاروخ ثالث قتل بشرو زايي على بعد 4.2 كلم. رسمنا ذلك في +964 على خرائط جوجل — شكّل مثلثاً حول القنصلية. مع ذلك، لم يصدر شيء عن القنصلية الأمريكية. كيف تفسرون ذلك؟

ألينا رومانوسكي: صحيح، نحن نبني قنصلية جميلة وجديدة ونفخر بها. إنها شهادة على التزامنا بالمنطقة وتعزيز علاقاتنا مع كردستان. يشمل تعاوننا الأمني دعم احتياجات كردستان الأمنية وسنواصل ذلك.

هيوا عثمان: لكن الهجمات كانت قريبة جداً. لماذا لم يصدر شيء من القنصلية؟

ألينا رومانوسكي: الأهم أن نتساءل من يقف وراء تلك الهجمات. إذا كان هذا جاراً جيداً، فلماذا يهاجم كردستان وهذه المواقع؟ هذا هو السؤال الأكبر.

هيوا عثمان: إذن إن هاجمت إيران أو تركيا، هل يتحمل الأكراد المسؤولية وحدهم؟ ألا تملك أمريكا مسؤولية؟

ألينا رومانوسكي: لا أقول ذلك. نحن ندافع دوماً عن موظفينا ومنشآتنا. هذا موقفنا المستمر. وفي إطار المناقشات الدفاعية المستقبلية سنتطرق أيضاً لبناء دفاع وطني أقوى للعراق إن أرادت الحكومة ذلك.

هيوا عثمان: إذاً يمكن لإيران أن تضرب طالما لا تصيب الأمريكيين؟

ألينا رومانوسكي: أوضحنا مراراً: من يهاجم موظفينا أو منشآتنا سيواجه رداً دفاعياً. هذا موقف معلن وواضح.

هيوا عثمان: فقط موظفيكم ومنشآتكم؟

ألينا رومانوسكي: نعم، نحن هنا لحماية موظفينا ومنشآتنا.

هيوا عثمان: سؤال أخير — حول الأكراد. كثيراً ما نسمع من القيادات الكردية عن علاقة خاصة مع أمريكا. يصفها البعض بأنها “قصة حب من طرف واحد”. أنا ابن أحد أوائل الأكراد الذين تواصلوا مع أمريكا في السبعينيات، وسمعت الكثير من خيبات الأمل: 1975، 1988، 1991 وغيرها. فالسؤال الذي يؤرق كل كردي: هل لدى واشنطن سياسة خاصة تجاه الأكراد؟ هل ترون الأكراد كأكراد أم فقط كمواطنين عراقيين أو سوريين أو أتراك أو إيرانيين؟

ألينا رومانوسكي: عندما تقول إنها قصة حب من طرف واحد — أختلف معك. أراها قصة حب من الطرفين. لدى الولايات المتحدة التزام قوي وحضور واضح في كردستان العراق. أنجزنا الكثير هنا. في كثير من الأحيان كان الإقليم بوابة دخول الشركات الأمريكية إلى العراق، التي بدأت من هنا ثم توسعت إلى بغداد وباقي المحافظات.

كردستان أظهر أيضاً أن الديمقراطية قابلة للنمو. فقط انظر إلى انتخابات 20 أكتوبر — كانت حماسية مثل معظم الانتخابات، لكن نسبة المشاركة بلغت 72%، وهو نموذج ديمقراطي قوي.

لدينا سياسة تجاه العراق وكردستان جزء منه. لكن هذا لا يعني أننا لا نمتلك أيضاً علاقة مميزة مع إقليم كردستان كما هو الحال مع باقي مناطق العراق.

هيوا عثمان: شكراً سيدة السفيرة.

ملتقی الشرق الأوسط 2024

تطور العلاقة الشاملة بين الولايات المتحدة والعراق

الجلسة الثانية

29 تشرین الأول 2024

Comments are closed.