Back

أولويات السياسة العراقیة والتحديات المقبلة

  • محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق
  • دلاور علاء الدين، رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (المحاور)

عقد منتدى العراق بعد ستة أشهر من تنصيب حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي تواجه توقعات كبيرة وضغوطا مفهومة لمعالجة التحديات متعددة الطبقات التي يواجهها العراق منذ زمن. وشارك السوداني في حوار سياساتي مع رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري)، دلاور علاء الدين، في الجلسة الأخیرة لمنتدى العراق.

أكد رئيس الوزراء محمد شيا السوداني للحضور بأن كان على الحكومة “مواجهة جملة تحديات، خدمیة، معيشة وإقتصادية”. لكن بتقدیري التحدي الأكبر الذي واجهناها هو الأحكام المسبقة من الداخل والخارج. كان الكل یمتلك هواجس علی أداء هذە الحكومة”. وعلى الرغم من هذه التحديات، أحرزت الحكومة تقدما كبيرا في غضون ستة أشهر فقط، “أثبتنا بطلان هذە الأحكا”…. أما باقي التحدیات، تعاملنا معها وفق البرنامج (الحكومي)” بعیدا عن الخطابات والإنشاء.

وقال رئيس الوزراء: “التحدي الأكبر هو كیف نكسب ثقة الشعب. الطریق الی كسب هذە الثقة، هي بالمصداقیة”…..  الجمهور بحاجة إلى معرفة أن لديهم حكومة جادة تفي بوعودها. وأنجزناها في ستة أشهر. “ففي كل هدف عندنا منجز”. وتابع: “كنت أتمنی حركة أكثر فاعلیة من بعض السادة الوزراء. أكید ضروف الوزارات صعبة، وملفاتها…. المیزانیة لم تقر… قد یكون ذلك حاجز لكننا نعول علی النصف الثاني (من السنة)”.

وأكد رئیس الوزراء أن من بين 80 فقرة تتعلق بإلتزامات الحكومة المنصوص عليها في المنهاج الوزاري، أوفيت بنسبة 31٪ منها. بین مشاریع قوانین وبین إجرائات تنفیذیة. “هذا یعطي مصداقیة لباقي الشركاء في إئتلاف إدارة الدولة. أستطیع القول بأنها غیر مسبوقة في الإئتلافات السابقة”.

لا یمكن تحقیق أي نجاح دون تشكیل فریق مع المتابعة، قال رئیس الوزراء. یجب ان نحافظ علی الصلاحیات بین السادة الوزراء، السادة المحافظین والسادة المستشارین. في الجلسة الأخیڕة في التقیم كنت أرجح رأي الوزیر. والمدراء العامون مهمون لوظيفة الوزارات. في السابق تم فرض بعض المدراء العامين على الحكومة. “نحن الآن نقيم أدائهم، لكن یجب أن تكون التقیم منصفا. “ثلاثة أشهر كافیة لتقیم المدراء العامون، وستة أشهر كافية لتقييم نواب الوزراء والمستشارين والمحافظين، وبعد ذلك يمكننا تقييم الوزراء”.

وأنتقل الحوار الی قضیة الفساد، اعترف رئيس الوزراء بأن القضاء علی الفساد یحتاج الی إرادة وقرار، وهذە الإرادة والقرار موجودین.   “ليس لدینا خطوط حمراء” أو نیە لترحیل الموضوع.  من السهل كشف الفساد بإجراءات سريعة وسهلة، وأكد أن حكومته ملتزمة تماما بمكافحة الفساد ولن تتردد في استهداف المتورطين. وقال: “بدأنا بإصلاح المعنیة بمكافحة الفساد، وللأسف وجدنا خلل واضح في هذە المؤسسات”… وجدناها بالأدلة وقمنا بتسمیة أشخاص جدد. وقال: “لا أدعي أن الفساد توقف 100% لكن الكل یعلم في مؤسسات الدولة الآن، بأن هناك من یتابع ملفات الفساد. أي شبهة، أي حركة أي إتفاق أو مخالفة یعرضة الی التحقیق”.

وأكد السوداني بأن أولوية حكومتە القصوى هي استعادة الأموال المسروقة وتقديم الأفراد المطلوبين إلى العدالة. يميل الأفراد الفاسدون إلى الفرار من البلاد واستخدام الأموال المسروقة لشراء العقارات أو فتح حسابات مصرفية في البلدان المجاورة … لكن لدی الحكومة اتفاقيات دولية لمكافحة الفساد، وقد منح البنك المركزي العراقي سلطة فرض الامتثال من المؤسسات المالية وضمان تعاونها.

وإعترف رئیس الوزراء بأن لیس للعراق “نظام مصرفي أبدا، لاحكومي ولا أهلي. وهذە مشكلة حقیقیة. أول هزة بسیط التي تتعلق بتقلبات الصرف، أنهارت المصارف، لولا تدخل الحكومة …. لما إستطعنا مواجهة الأزمة”. وقال بأن لیس هنالك مصرف أهلي ساهم في تمویل مشروع سكني أو مصنع، ربما قلة قلیلة.  نحن داعمون لهذە المصارف لكي تنمي وترتقي. لیس هناك أثر واضح لــــــــ 87 مصرف و 600 شركة صیرفة في العراق.

ووفقا للسوداني، فإن تحسين قطاع الطاقة في البلاد كان أحد الأولويات الرئيسية لحكومته، وستساعد الاتفاقيات الأخيرة الموقعة مع الشركات الدولية البلاد في مهمتها لإنهاء وارداتها من الغاز. وقال للحضور بأن حكومتە وقعت لأول مرة عقود صيانة مدتها خمس سنوات لقطاع الكهرباء، مما أدى إلى خفض التكلفة بنسبة 30٪ لمحطات توليد الطاقة. كانت لدينا في البداية عوائق بشأن العقود مع توتال إنرجيز. ومع ذلك، تمت معالجة هذه العقوائق، ووقعنا اتفاقا لتوفير ما يصل إلى 600 متر مكعب من الغاز المصاحب في غضون 3-5 سنوات قادمة”.

وأكد رئيس مجلس الوزراء التزامه بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وإنهاء اعتماد العراق على الغاز المستورد. وقال بأننا “نحرق المال كل يوم عندما نشعل الغاز”. یستورد العراق غازا من إيران بقيمة 4 مليارات دولار سنويا. لكن الصفقة الأخيرة مع توتال ستعني أن العراق سيكون قادرا على إنتاج 600 متر مكعب بشكل يومي، ومن المتوقع أن تزود شركة غاز البصرة البلاد ب 400 متر مكعب من الغاز بشكل يومي، مما يعني أنه في غضون سنة إلى ثلاث سنوات سیتوقف العراق من استيراد الغاز.  قال السوداني. ” نحن نحرق 1,200 متر مكعب من الغاز المصاحب يوميا ونستورد 1,000 متر مكعب، مما يكلفنا 4 مليارات دولار سنويا.

الشراكة مع توتال للطاقة ل 600 متر مكعب ستساعد في تعويض الاستهلاك … في غضون الأشهر ال 15 المقبلة، من المتوقع أن ينتج حقل واحد في دورة التراخيص الخامسة 255 مترا مكعبا من الغاز. والحكومة تستعد للبدء بدورة التراخيص السادسة التي ستشمل حقولا جديدة في صحراء الأنبار والنجف تم اكتشافها مؤخرا. وأكد رئیس الوزراء بأن من الضروري أن يكون للعراق وجود في سوق الغاز، لأن هذا هو مكانه الصحيح. ويمكن ملاحظة ذلك من الاحتياطيات الهائلة التي تمتلكها وأيضا عند النظر في كمية الغاز التي يتم إهدارها من خلال حرق الغاز”.

كما سلم رئيس الوزراء الكرة إلى تركيا فيما يتعلق بموعد استئناف صادرات النفط الخام العراقي، بعد أن توقفت نتيجة لحكم غرفة التجارة الدولية في وقت سابق من هذا العام في باريس، ملمحا إلى أن اتفاق بغداد وأربيل ليس وراء تأخير إعادة التشغيل. “لماذا [الانتظار] أسبوعين؟ إذا اتصل بنا الجانب التركي اليوم، فإننا نستأنف الصادرات”. وأضاف بأن القضايا المتبقية مرتبطة بالجوانب الفنية مثل الحسابات المصرفية والجانب التركي، وأن الجانب التركي أبلغت الحكومة رسميا أنها بحاجة إلى فحص خط الأنابيب بسبب مخاوف من أنه قد يحتاج إلى إعادة تأهيل في أعقاب الزلزال الأخير. فالتأخير ليس نتيجة لعدم التوصل إلى اتفاق، بل ننتظر متى يكون خط الأنابيب جاهزا لاستئناف الصادرات. كما أشاد رئيس الوزراء بدور رئيس إقليم كوردستان نێچیرڤان بارزاني في تحقيق الاتفاق بين بغداد وأربيل لاستئناف تصدير النفط من إقليم كوردستان.

كما شدد السوداني على التزامه بالحفاظ على دفع رواتب الموظفين في إقليم كوردستان، مؤكدا بأن العلاقة بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية هي أولوية… لن يكون هناك تأخير في دفع رواتب الموجودين في إقليم كوردستان العراق، فهم نفس المواطنين كما في بغداد، واصفا دفع الرواتب بمسؤولية الحكومة الاتحادية بغض النضر عن تصدیر النفط. وقال بأن من المتوقع أن يشارك قادة إقليم كوردستان العراق في الشؤون الوطنية وليس فقط التركيز على المسائل المتعلقة بالإقليم، ولمس هذا الموقف في رئيس إقليم كوردستان العراق، الذي أظهر استعدادا للمساهمة، علی حد قولة.

وردا على سؤال من دلاور علاء الدين حول دور إيران والجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية الموالية لإيران، قال رئيس الوزراء السوداني بأن عندما يتعلق الأمر بإيران، لم نتلق سوى الدعم من إيران في العلاقات الرسمية وغير الرسمية. لدينا العديد من القواسم المشتركة مع إيران. إيران وقفت مع العراق ضد النظام السابق ومحاربة داعش. “سيحل العراق بعض تعقيداته الأمنية بعد الانفراج الأخير بين إيران والسعودية”. ورحب السوداني بالتقارب السعودي الإیراني، ووصفە بالمفیدة للعراق. هناك مشتركات كثیرة بین العراق والسعودیة وعلاقات تأریخیة. الیوم حركة التبادل التجاري والسفر مستمر والحدیث المشترك الآن هی عن مشاریع ستراتیجیة.

وبتحويل الحديث إلى الوضع الإنساني في العراق، أكد السوداني بأن الكل عازم علی إستقرار المنطقة ووعد الحضور بأن “صندوقا بقيمة 50 مليار دينار سيوفر إعادة الإعمار في سنجار وسهل نینوی، ويزيل الجهات الأمنية الفاعلة باستثناء أفراد الجيش العراقي والشرطة. وكرر بأن تتفق جميع أحزاب الائتلاف الحكومي على أن الجماعات العسكرية يجب أن تكون تحت سيطرة الدولة.

وعن علاقة العراق بالولایات المتحدة، أكد رئیس الوزراء بأن “العلاقة بین البلدین فعلا ستراتیجي وهناك أتفاقیة ستراتیجیة بینهما. دعمت الولایات المتحدة العراق في تغیر النـظام والحرب علی الإرهاب وهناك مصالح مشتركة. یهمنا أن نقوي هذە العلاقة ونفعل كل الملفات الموجودة في إتفاقیة الإطار”….. “وأن الأوان أن نفعل هذە الإتفاقیە وأن لا یقتصر التعاون والعلاقة فقط علی الجانب الأمنی. لابد أن یلمس الشعب العراقي وجود شركات أمریكیة متطورة وكفوءة في كثیر من المجالات …. نحن جادون في تطویر هذە العلاقة ووضعها في شكلها الصحیح. لا نرید أن ندخل في طرف في محور ضد الآخر ولا نرید أن نكون جزء من سیاسة تصفیة الحسابات ولا الأرض العراقیة ساحیة لتصفیة الحسابات”.

منتدی العراق: من أجل الاستقرار والازدهار

4/05/2023

الجلسة الحادیة عشر: أولويات السياسة العراقیة والتحديات المقبلة

فدیو الجلسة

انقر هنا للحصول على الفيديو.

Comments are closed.