دلاور علاءالدین، رئیس مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (میري)
٢٣ تشرین الأول، ٢٠١٨
السیدات والسادة، يعقد هذا المنتدى في وقت حساس للغاية. الشرق الأوسط بكاملها في حالة ملتهبة مع وجود حروب ونزاعات متعددة الاطراف. إن القوى المحلية والإقليمية والعالمية منشغلة بصراعاتها التناحریة، كما أن إقليم كوردستان وبقية العراق متأثرون ویعانون من هذه الصراعات. وواضح ان هذە القوى المتناحرة غير منشغلة بالحوارات فيما بينها بما یكفي لتهدئة الأوضاع وتحقيق الاستقرار في المنطقة. بل العكس، فتلجأ هذە القوى الی استخدام المزيد من السلاح والعنف وخلق المزيد من الأزمات لتحقيق اهدافها. وهذا بالتالي يزيد من انقسام المجتمعات وعسكرتها، ومن البدیهي ان الخاسرين الرئيسيين في هذە الصراعات هما و الدولة المستهدفة ومواطنيها.
لحسن الحظ، خلقت الانتخابات البرلمانية التي اجريت هذا العام في العراق وإقليم كردستان وكذلك عمليات إنشاء حكومات جديدة في كل من بغداد وأربيل فرصًا جديدة للسلام والمصالحة. ويمكن استغلال هذه الفرص لتحسين نظام الحكم ، وإرساء سيادة القانون وإضفاء الطابع المؤسساتي على الحكومة.
الآن، وبعد إنهاء هذه الحروب الكارثية، حان الوقت للتفكير و النضال من أجل ارساء مباديء السلام والمصالحة والاستقرار. هنا نؤكد إذا لم يقوموا القادة وصانعي القرار في العراق وإقليم كردستان و بمساعدة المجتمع الدولي باجراء الإصلاحات والتصالح مع المواطنين، فإن عوامل الانقسام والزعزعة كثیرة والقوى المتطرفة مثل داعش ما زالت قائمة وناشطة بیننا ويمكن لها ان تستغل هذا الوضع الهش و تهيمن مرة أخرى. فإذا لم يقم العراقيون بكافة مكونتها باخذ مسألة ضعف الهيكل التنظيمي إلى أولويتهم، ليس فقط مواطني البصرة والموصل والأنبار، فإن المواطنين من جميع أنحاء البلاد سیصرخون لیشكل ذلك تهدیدا علی وجود كیان و دولة العراق. لهذە الاسباب اولي مؤسسة MERI في بحوثها اهتماما كبيرا بتشخيص وإصلاح الضعف الهيكلي والتنظيمي للنظام الحكم.
اعزائي الكرام، هذا الملتقی جزء لايتجزء من سلسلة مشاريع بحثیة قامت بها مؤسسة ميري في العام الماضي، فقد قامت مؤسستنا باجراء مشاريع بحثية معمقة حول إعادة الهيكلة واليات تفعيل الحكومة المحلية والبرلمان ومجلس القضاء في إقليم كردستان، ونشر هذا البحث على شكل كتاب مفصل. يحتوي الكتاب على عدد كبير من المقترحات لتحديد نقاط الضعف في النظام الحاكم وتحسينها. وبعدها قمنا بدراسة بنية حكومة نينوى المحلية كعينة من النظام الحاكم في العراق من أجل تحديد مشاكل النظام الحاكم في الدولة العراقية، وخاصة المحافظات التي لم تنظم كاقاليم. نحن ندرك جيداً أن حكومتا بغداد وإربيل جعلت الإصلاح أولوية لهما. هذا هو القصد وراء تخصيص جلسة اليوم الاولى وكذالك جلسة غد الاولى بهذه الشاكلة.
فجزأ كبیر من ابحاث مؤسسة میري فی سنین ٢٠١٤-٢٠١٧ كانت مخصصة للمحاور المختلفة المتعلقة بالحرب علی داعش وكیفیة اعادة الحیاة و اعادة الاستقرار الی المناطق المحررة و التعایش السلمي بین المكونات المختلفة و قضیة النازحین. ففي المسقبل القریب سنباشر بمشروع طموح لدراسة مسقبل النازحین وكیفیة خلق الارضیة المناسبة لعودتهم الی دیارهم.
أولى مؤسسة ميري فی نشاطاتها خلال السنوات الماضية اهتماما كبيرا بالحوار البناء على الصعيدين المحلي والدولي و أجرت سلسلة من المناقشات والحوارات المفتوحة والمغلقة بين القوى المتصارعة من أجل إحلال الاستقرار في المنطقة وتجنب العنف.
فعلى سبيل المثال، بعد استفتاء ايلول العام الماضي و بخاصة الجمود الذي نشأ بين بغداد وأربيل، كانت هناك حاجة ملحة لإنهاء هذا الجمود والحد من التوترات. ومن هنا بادرة مؤسسة ميري بالتعاون مع مركز الرافدين لفتح باب الحوار بين القادة السياسيين من كلا الجانبين. وفي شهر فبراير من هذا العام في النجف الاشرف، ساعدنا نفس الفرق علی الحوار وجها لوجە والذين يتحدثون اليوم عن بناء الدولة وبناء الوطن في الجلسة الثانية.
وكذالك من أجل تحقيق الاستقرار في الأجزاء الأخرى من كردستان وبخاصة في الدول المجاورة، يرى مؤسسة ميري بانه ضروري بان تعید جميع الأحزاب السياسية الكردية في الأجزاء الأخرى من كردستان النظر بشكل واقعي و عن طریق النقد الذاتي بسیاساتها السابقة و تبادل الخبرات والرؤی من اجل تحقيق حقوقهم المدنية والسياسية المشروعة بأفضل طريقة ولعب أدوار هامة في تحقيق الاستقرار في بلدانها. ولهذا السبب عقدنا عددًا من النشاطات لتشجيع الحوار بين هذه الأطراف، والجلسة الثالثة في هذا المنتدى جزء مكمل من هذه النشاطات.
وفي نفس الوقت، درس مؤسسة ميري من خلال ابحاثها ومنشوراتها سياسات القوى الإقليمية، مثل تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية، و كذالك القوى العالمیة ، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والدول الأوروبية، حتى يفهم المواطن الشرق أوسطي الرؤية ومحتوى سياسات هذه البلدان وتشجع في الوقت نفسه هذه القوى لإجراء حوار بناء فيما بينها، بحيث يسود الاستقرار وتنجو هذه المنطقة الهامة من العالم من ويلات الحروب والأزمات، و هذا هو الهدف الرئيسي وراء جلستنا السادسة والسابعة.
بالإضافة إلى ذلك ، وبالتعاون مع المعهد النرويجي للشؤون الدولية (NUPI) وعدد من الجامعات الأوروبية ومراكز الدراسات وبمنح من الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج Horizon 2020 ، أجرت MERI بحوثًا لمدة ثلاث سنوات حول سياسة الاتحاد الأوروبي في منطقتنا (الشرق الأوسط)، والجلسة الرابعة من هذا المنتدى مخصصة لهذا الغرض وجزء من هذه الابحاث.
اعزائي الكرام، أتمنى ألا نقلل من تاثير و اهمية مشاركتكم في هذا المنتدى، لمعظمكم ومن مواقعكم المختلفة تأثير مباشر على عملية اتخاذ القرارات السياسية والادارية. بمساعدتكم، يمكن للمنطقة أن تخطو نحو الاستقرار وأن تنشأ متطلبات منطقة سلمية يحكمها القانون. يجب إضفاء الطابع المؤسساتي على عمليات الحوار والمصالحة وإيجاد حلول للأزمات المعقدة، ومن خلال دولة مدنية حديثة يتم إنشاء بيئة من التعايش السلمي. نحن كمؤسسة میري سنستمر علی منوالنا بالتعاون مع الاخرین باجراء مشاريعنا البحثية. وسنعمل علی تحميل التقارير ومقاطع الفيديو الخاصة بجميع جلسات هذا الملتقی لتكون متوفرة للاستخدام العام.
هنا ، من الضروري تذكير صناع القرار بأن السلام وبناء الوطن لايمكن تحقيقها دون المشاركة الفعالة للنصف الاخر من المجتمع والأكثر أهمية. ليس سرا أن دور المرأة في العراق في أوساط صانعي القرار وصانعي السياسات يتم تجاهله بشكل كبير. وبالإضافة إلى كونهن ضحايا النزوح والهجرة، فإن النساء يقعن ضحايا ویننتهك حقوقهن بطرق عديدة أخرى. يتم تهميشهم في عملية صنع السياسات ولا يحصلون على أدوار وفرص قيادية كافیة. من المحرج أن تنعكس هذه الظاهرة في جلسات الملتقی كذلك. لذلك، نتوقع من القادة أن ياخذوا بنظر الاعتبار حصة المرأة عند وضع قوانين ولوائح جديدة في كل نظام القيادة وفقا للدستور الی ان یتجسد حقوق المرأة فی كل مفاصل نظام الحكم.وأخيراً ، أشكر زملائي فی مؤسسة میري و الفريق التطوعي لإنجاح هذا الملتقی بفضل جهودهم وجهودهم الشاقة. أشكر جميع السيدات والسادة الذين وافقوا على تقديم خطاباتهم في هذا المنتدى وأشكركم على حضوركم.
أود أن أشكر مقدمي ملتقی MERI على مساعدتهم، بما في ذلك مؤسسة الأبحاث الألمانية Konrad Adenauer Stiftung التي تعتبر الراعي الرئيسي لنا، و الاتحاد الأوروبي الذي قام من خلال منحة Horizon 2020 بتمويل بعض أبحاثنا الهامة حول سياسات الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط . أيضا ، أود أن أشكر قناة K24 لمساعدهم لنا للبث داخل القاعة بدون مقابل. أشكر ايضاً شركات الامباير و “رابطة المصارف الخاصة العراقية” على مساعدتهم المادیة وأشكر فندق روتانا على كرم ضيافتهم.آمل أن يكون لديكم منتدى ممتع ومفيد. أتمنى لكم كل النجاح والتوفيق.