حكومة السوداني: التعهدات والتقدم والآفاق
تم عقد هذه الجلسة الحواریة بعد مرور ما يقرب من سنة على تكليف السيد محمد شياع السوداني برئاسة الحكومة العراقية ونيله الثقة من البرلمان العراقي في تولي هذا المنصب. خلال الجلسة، ناقش أداء الحكومة العراقية المتحدثون:
- عقيل الخزعلي، مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي
- محمد النجار، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون النقل
- مثنی أمین، عضو مجلس النواب العراقي
- نور الماجد، اعلامیة، عراق 24 (المحاورة)
وأوضح المتحدثون أن هناك اتفاق سياسي بين بغداد واربيل، بالإضافة إلى المنهاج الوزاري الذي قدمه السيد السوداني عند توليه رئاسة الحكومة العراقية. ومع ذلك، تم تسليط الضوء على الإشكاليات الهيكلية في النظام السياسي الحالي في العراق، التي تعيق التقدم وتحول دون إنجازات فعّالة.
تم الاشارة الى أن العراق دولة تعاني من مشاكل في السيادة نظرا للتجاوزات المتكررة على السيادة الوطنية، مما يعرقل قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات ومعالجة المشكلات بفعالية. وتم استعراض أيضًا العجز في إدارة الدولة، وتأثير الفساد الذي لا يزال يهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد. وتم التأكيد على أهمية التصدي للتحديات الفسادية، التي تمثل تهديدًا كبيرًا لاستقرار البلاد وتطورها. وتطرق الحديث إلى الإجراءات التي اتخذتها حكومة السيد السوداني لمواجهة هذه التحديات، مع التركيز على الجهود المبذولة في مكافحة الفساد الإداري والمالي.
ومثال على هذه الجهود هو تشكيل الهيئة العليا لمتابعة ملفات الفساد لتوجيه الجهود وتنسيق العمل تحت إشراف مباشر من رئيس الوزراء، مما يعكس التزام الحكومة بمعالجة هذا الأمر بجدية. ويرى السيد عقيل الخزعلي أنه ” لأول مرة خلال فترة حكم الحكومة، تحركت آلاف الدعاوى الجزائية ضد أفراد من درجات ومناصب عليا” مما يشير إلى محاولات فعالة في محاربة الفساد. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة الحالية قامت بتأسيس لجنة لمعالجة الفجوات التشريعية التي تعيق جهود مكافحة الفساد، مع التركيز على تحديث التشريعات المتعلقة بالنزاهة والرقابة المالية وإجراءات المحاكمات الجزائية. بالإضافة إلى ذلك، تم التأكيد على دور المعارضة في تسليط الضوء على الفجوات والمشكلات في العملية السياسية، وتحفيز الحكومة على تحسين أدائها. ومن المهم أن تتماشى الجهود بين الحكومة والمعارضة لتحقيق التقدم والاستقرار في البلاد.
کما وتطرق الحديث إلى صندوق العراق للتنمية الذي تم إطلاقه قبل ستة سنوات بهدف تعزيز الاقتصاد العراقي وتوجيهه نحو التنوع والاستدامة. وبحسب مستشار رئيس الوزراء العراقي ، السيد محمد النجار، يهدفالصندوق إلى استخدام جزء من إيرادات النفط لتمويل مشاريع التنمية في مختلف القطاعات الحيوية مثل السكن، البيئة، التحول الرقمي، الصناعة، الزراعة، والتعليم. من خلال تقديم الدعم المالي وتسهيل الاستثمارات، يسعى الصندوق إلى إعادة بناء البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد الوطني. ويتكون الصندوق من ستة صناديق فرعية تستهدف حل مشاكل العراق الحقيقية في مختلف المجالات.
ومع ذلك، تظل هناك تحديات تواجه عملية الاستثمار في العراق، بما في ذلك العقبات القانونية والبيروقراطية وقضايا الأمن وكذلك الفساد المستشري في جسم البلد. يجب على الحكومة القيام بالخطوات اللازمة لتحسين بيئة الاستثمار وتقديم الدعم للمستثمرين المحليين والدوليين. وفي حال التصدي لهذه العقبات واستخدام أساليب الاستثمار الجديدة وتعزيز الشراكات الاستراتيجية، يمكن لصندوق العراق للتنمية أن يكون عاملاً مساهما في تعزيز التنمية الاقتصادية في البلاد.
تعكس الحالة الراهنة لارتفاع سعر الدولار في العراق والتحديات المتصلة به جوانب عديدة من التاريخ الاقتصادي والسياسي للبلاد. فمنذ بداية الحرب مع إيران وحتى الوقت الحالي، تجرى الکثير من المعاملات المالية من خلال الحوالات دون الرجوع الى المصارف، هذا بالإضافة تورط بعض المصارف والصرافين في أنشطة الفساد وتهريب العملات الأجنبية، مما أثر بشكل كبير على قيمة العملة المحلية. وبالرغم من المحاولات لتحفيز النظام المالي ولتفعيل منظومة دولية في العراق، لا تزال التحديات ماثلة أمام السياسات النقدية والاقتصادية، مما يثير تساؤلات حول مدى استمرار ارتفاع سعر الدولار في المستقبل القريب.
لذلك من المهم أن تقوم الحكومة العراقية على تعزيز دور القطاع الخاص وتجعله محركا بارزا للتنمية الاقتصادية، وتشجيع الاستثمارات من خلال إطلاق مشاريع كبرى في مختلف القطاعات، وهذا قد يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين الظروف المالية للمواطنين. ومع ذلك، تظل هناك حاجة ملحة للتركيز على مكافحة الفساد وتحسين الإدارة المالية، إضافة إلى تحسين البنية التحتية للبلاد وتعزيز القدرات التنافسية للقطاع الخاص، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومتوازنة في العراق.
کما وناقش المتحدثون العلاقة بين بغداد واربيل والتحديات التي تشوب هذه العلاقة. وفي هذا الصدد ارتأى الدكتور مثنى أمين الى أن الإشكاليات متجذرة ونابعة من عدم تطبيق الدستور العراقي بشكل كامل. ففي حين ينص الدستور على أن الدولة العراقية اتحادية برلمانية، إلا أنها في الواقع أقرب إلى دولة مركزية ملحق بها كيان فيدرالي غير متناغم مع بنية الدولة ككل. والاقليم بدوره يأخذ دورا يتجاوز ما هو ممنوح له من الدستور ويتعامل في بعض الأحيان معاملة الدولة المستقلة، وأن هذا التناقض يشكل حزورة الصراعات الدائمة حول الامتيازات والمصالح والحقوق الدستورية. ولحل الإشكاليات في علاقة حكومتي بغداد وأربيل، اقترح السيد امين حلولًا عملية لمعالجة هذه الإشكاليات، تشمل ما يلي:
- تدقيق شامل لأعداد الموظفين في جميع الوزارات العراقية.
- تخصيص موازنات عادلة لتغطية رواتب موظفي إقليم كردستان.
- إنشاء حسابات خاصة محصّنة ومخصصة حصراً لصرف رواتب الموظفين.
- ضمان تأمين الرواتب في صندوق خاص لا يمكن المساس به إلا لأغراض صرف الرواتب.
لم يكن النقاش خاليًا من وجهات نظر مختلفة. إذ دافع السيد عقيل الخزعلي عن جدية الحكومة الحالية برئاسة السيد السوداني في حلحلة المشكلات العالقة بین الإقلیم والمركز، مستدلا بإنجاز نسبة كبيرة من البرنامج الحكومي واتفاقية الشراكة السياسية كدليل على ذلك. كما أشار إلى أن تأخير الموازنة وتعديل بعض بنودها كان لهما دور في تعطيل بعض الإجراءات التنفيذية.
ملتقی الشرق الأوسط 2023
معالجة أولويات العراق العاجلة
11-10 اکتوبر/تشرين الاول
الجلسة 7: حكومة السوداني: التعهدات والتقدم والآفاق
فيديو الجلسة