إنقر هنا لتنزيل التقرير باللغة الإنجليزية
بعد هزيـمة تنظيـم الدولة الإسلامية (داعش) في مدينة الموصل، فإن مهمة تحرير مدینة تلعفر تبعث بالقلق والخطورة. سقوط تلعفر في يد التنظيم في ١٦ حزيران، ٢٠١٤ قد أضر ليس فقط بالعلاقات المتوترة أصلا بين المجتمعين السني والشيعي التركمانيین في تلك المنطقة وإنما بالعلاقات مع مجتمعات إثنية ودینية أخری. فسقوط مدینة تلعفر أدی إلی نزوح غالبية المواطنين فيها، سنة وشيعة، بيد أن البعض من المجتمع السني قرر عدم الفرار وبقی في القضاء. وبالرغـم من أن هناك أمور كثيرة غير واضحة حول الواقع الذي حصل، إلا أن هناك إعتقاد واسع النطاق يشير إلی أن عدد من الترکـمان السنة إنظموا إلی صفوف داعش ومتهَمين بإرتكاب جرائم حرب تحت إسم داعش.
إن القيام بالمصالحة فيما بين المجتمعات و إصلاح العلاقات المجتمعية المتضررة هما من الإحتياجات الماسة لضمان الإستقرار ومنع نشوب دورة متجددة من العنف في المستقبل. ولكن مثل هذه العمليات يمکن تطبيقها فقط من خلال الإستشارة بالممجتمع المحلي المتضرر حول متطلباتهم ورٶیتهم للمستقبل. لذا فإن هذا التقرير يرکز علی رٶية المجتمع التركماني لمتطلبات هذه العملية وکذلك الفرص والعوائق التي تقف في وجه عملية المصالحة داخل مجتمعهم ومع مجتمعات أخری.
إن هذا التقرير يجد أن المصالحة لدی معضم تركمان تلعفر ينظر إلیها كغاية أمنية مهمة لتمكين وتيسير عملية عودة النازحين. لذا وعلی المنظور القريب علی الأقل، أولی المشاركون في هذا البحث الأولوية لموضوع المصالحة الداخلية في تلعفر خصوصا بين الطائفتين السنية والشيعية التركمانيتين منها علی المصالحة مع المجتمعات الأخری التي تعيش خارج تلعفر. وکشفت المقابلات بتواجد رٶی متداخلة بشأن كيفية ظهور العنف وتفاقمه في الماضي وسبل معالجته في المستقبل. ونظرا لأن المصالحة في تلعفر تتطلب قيام المجتمعات برفض ومناهظة الايدولوجيات المتطرفة، فإن العملية يجب أن تحوي علی آليات تمکن هذه المجتمعات من مقاومة تأثير هذه الايدولوجيات. وحسب رأي اغلبية المشارکين في اللقاءات من السنة والشيعة، فإن الخطوة الأولی يجب أن تبدأ من إشراك السنة في القطاع الأمني، فتشكيل قطاع أمني شامل يحوي علی كافة عناصر المجتمع يعتبر اساسا للمصالحة في المستقبل.
بيد أن قضية إنعدام الثقة تقف عثرة أمام طريق المصالحة بصورة جادة، فعملية بناء الثقة بين سنة وشيعة تلعفر تواجه تحديات إضافية ناجمة من حقيقة أن کل طرف منهما يعتبر الآخر خادما لأجندات خارجية. بينما تشك الشيعة من أن السنة تميل لتركيا، فإن السنة من جانبهم ينظرون إلی الشيعة بإنهم إمتداد للمصالح الإيرانية في المنطقة. ومع ذلك، فإن كلا المجتمعين يريان بأن إصلاح القطاع الأمني هو الخطوة الأولی لإضفاء الإستقرار علی المنطقة بعد التحرير ، كما وأعرب الجانبان عن أملهم في عدم إحباط وعرقلة عملية المصالحة من قبل الأطراف الخارجية.
فيما يتعلق بإنخراط السنة في السلك الأمني، عبر الشيعة عن قلقهم إزاء تسلل العناصر المتطرفة إلی المٶسسات الحكومية من خلال هذه العملية. يمكن التفوق علی هذا العائق من خلال تجنيد السنة ضمن القوة العسکرية التي تکلف بتحرير مدينة تلعفر ،وهذا يعتبره الشيعة كآلية تحقيق من شأنه تحديد الملتزمين ببناء العلاقات السليمة والمعارضين للفكر المتطرف. إظافة إلی ذلك، إشراك السنة في عملية تحرير مدينة تلعفر سيزيد من فرص التواصل والتعاون مع البعض وهذا مما يسهم في تكوين تجارب مشتركة وأهداف طويلة الأجل.
بالرغم من أن المشاركين أعطوا الأولوية للقيام بالمصالحة داخل المجتمع التركماني في تلعفر منها علی القيام بذلك مع مجتمعات أخری، إلا إنهم تطرقوا إيضا إلی كيفية تطوير العلاقة مع المجتمع الإيزيدي المجاور لهم. لا شك أن تحرير مدينة تلعفر سيولد فرص للقيام بذلك. من الأمور التي يجب القيام بها فور تحرير المدينة هو البدء بالتحقيق في الجرائم التي أرتکبت من قبل داعش واطراف أخری. علی القيادات العشائرية السنية إدانة الجرائم التي أرتکبت من قبل أفرادهم والمساهمة في تطبيق القانون بشكل تضمن فرض الخضوع للمساءلة. إلا أنه من المهم بنفس القدر ترويج الأمور الإيجابية التي قام بها أهل تلعفر من خلال عرض حياتهم للخطر من اجل مقاومة داعش وتحرير البعض من الإيزيديين، فإبراز هذه الإعتبارات من شأنه خدمة دور مهم في مجابهة الإعتقادات المبنية علی ارفاق الذنب بالمجتمع السني التركماني كافة في تلعفر.