Back

مستقبل سوريا من وجهة نظر روژاڤا

مستقبل سوريا من وجهة نظر روژاڤا

  • أمجد عثمان، نائب رئیس مجلس سوريا الديمقراطية
  • باتريك هايني، مستشار في مركز الحوار الإنساني (المحاور)

تناولت هذه السلسلة الحوارية، التي أدارها باترك هيني، مستشار أول لشؤون الشرق الأوسط لمركز الحوار الإنساني، مع أمجد عثمان، عضو مجلس سوريا الديمقراطي (مسد)، التطورات الجيوسياسية في شمال شرق سوريا ودور الإدارة الذاتية في مواجهة الانقسامات السياسية والجغرافية في البلاد. ناقش المتحدثین التحديات الدستورية التي تواجه سوريا، العلاقات بين القوى الفاعلة في الصراع، وإمكانية تحقيق تفاهمات بين الأطراف السورية المختلفة. كما سلط الضوء على دور الدول الإقليمية، لا سيما العراق وإقليم كردستان، في إيجاد حل للأزمة السورية.

الانقسام الجغرافي والسياسي ومستقبل سوريا 

استهل باترك هيني الحوار بالإشارة إلى أن سوريا تشهد انقسامًا جغرافيًا واضحًا منذ أكثر من عشر سنوات، حيث استقرت مناطق النفوذ وأصبحت واقعًا ملموسًا. وسأل عن رؤية الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا لهذا المشهد، وإمكانية تجاوز هذا الانقسام وإعادة توحيد البلاد. في رده، أكد أمجد عثمان أن المشكلة الأساسية في سوريا تعود إلى الدستور السوري الذي لم يكن يعبر عن تطلعات جميع السوريين، بل كان يخدم مصالح فئة معينة فقط. وأوضح أن الأزمة المستمرة منذ ١٣ عامًا تعكس فشل النظام السياسي المركزي في استيعاب التنوع داخل سوريا، مشددًا على أن الحل يكمن في إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية لامركزية، تعترف بتعدد الهويات السورية وتحل القضايا العالقة، بما في ذلك القضية الكردية. وإعتقد عثمان  “ أن سوريا بحاجة إلى دستور جديد يعبر عن تطلعات جميع السوريين، وأي محاولة للقفز فوق هذا الواقع لن تؤدي إلى سلام أو استقرار مستدام.” كما أكد أن إعادة تعريف الهوية الوطنية السورية بات أمرًا ضروريًا، حيث يجب أن تأخذ هذه الهوية بعين الاعتبار التنوع العرقي والثقافي والديني في البلاد، لتجنب تكرار الأخطاء التي أدت إلى تفكك الدولة السورية.

المحادثات مع دمشق وآفاق الحوار السوري-السوري

أثار باترك هيني قضية المفاوضات التي أجرتها الإدارة الذاتية مع دمشق، سواء بشكل ثنائي أو بوساطة روسية، متسائلًا عن مدى جدوى هذه المحاولات بعد أكثر من عقد على بدء الأزمة. في إجابته، أكد أمجد عثمان أن النظام السوري لا يزال يرفض أي تغيير سياسي أو دستوري حقيقي، وينظر إلى الأزمة كحالة تمرد يجب قمعها بدلاً من معالجتها عبر حلول سياسية. وأوضح أن الحوار السوري-السوري ضروري لتشكيل ضغط داخلي على النظام، لكن المعارضة نفسها منقسمة، حيث تقف كل مجموعة في مواجهة الأخرى بدلًا من البحث عن حلول مشتركة. وحسب أمجد عثمان، اليوم ظهر السوريون لبعضهم بظهورهم، وليس بوجوههم. نحن بحاجة إلى حوار حقيقي يتجاوز الخلافات السياسية، ويهدف إلى تحقيق العدالة والاستقرار لجميع السوريين.” وأشار إلى أن الضغط على النظام السوري يجب أن يكون داخليًا من خلال توحيد المعارضة، وخارجيًا عبر الدول التي طَبَّعت علاقاتها مع دمشق، حيث ينبغي لهذه الدول الضغط على النظام السوري للقبول بحل سياسي شامل.

تأثير التدخلات الإقليمية على العلاقة بين السوريين

أكد أمجد عثمان أن الأزمة السورية لا تقتصر على الداخل السوري فحسب، بل تأثرت بشكل كبير بالصراعات الإقليمية والتدخلات الخارجية، مشيرًا إلى أن الدول الإقليمية صدّرت مشاكلها إلى سوريا، مما زاد من تعقيد العلاقات بين السوريين أنفسهم. التحديات التي تواجه سوريا ليست فقط سياسية، بل أيضًا إنسانية، حيث تعرضت بعض المكونات، وخاصة الأكراد، لعمليات تغيير ديموغرافي ممنهجة يجب معالجتها لضمان استقرار مستقبلي.”

وشدد أمجد عثمان على أن الحل يجب أن يكون سوريًا خالصًا، قائمًا على حوار مباشر بين جميع الأطراف السورية، بعيدًا عن الأجندات الخارجية.

التصعيد العسكري التركي والاستقطاب المتزايد

تطرق النقاش أيضًا إلى التوترات بين تركيا والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، والهجمات العسكرية التركية المتزايدة. أوضح أمجد عثمان أن تركيا تعتبر أن مشروع الإدارة الذاتية يشكل تهديدًا لأمنها القومي، رغم أن هذا المشروع لم يكن في بداياته محل نزاع مع أنقرة. وأضاف أن القضية الكردية في تركيا لها تأثير مباشر على علاقة تركيا بالأكراد السوريين، مما يجعل الصراع أكثر تعقيدًا. نحن نتمنى أن يكون هناك مبادرات نحو السلام، لأن ذلك سيخدم استقرار سوريا والمنطقة بأسرها.” كما شدد أمجد عثمان على ضرورة وجود وساطة دولية لخفض التصعيد، لأن استمرار الهجمات التركية يزيد من المعاناة الإنسانية، ويشجع على الهجرة، مما يؤدي إلى تغيير ديموغرافي يفاقم الأزمة.

دور العراق وإقليم كردستان في حل الأزمة السورية

سلط النقاش الضوء على الدور المحتمل للعراق وإقليم كردستان في دعم الاستقرار في سوريا. وأشار أمجد عثمان إلى أن العراق عضو في لجنة التواصل العربية الخاصة بسوريا، مما يمنحه فرصة للتأثير على المشهد السياسي السوري، داعيًا بغداد إلى استخدام علاقاتها مع دمشق لدفعها نحو حل سياسي شامل. العراق يفهم تمامًا تعقيدات المشهد السوري، بحكم التشابه الكبير بين الدولتين من حيث التنوع الاجتماعي والديني والثقافي.”

أما فيما يخص إقليم كردستان، فقد أكد عثمان أن الإقليم لعب دورًا إيجابيًا في احتضان اللاجئين السوريين، وساعد في تخفيف المعاناة الإنسانية من خلال المعبر الحدودي الذي يربط بين شمال شرق سوريا وكردستان العراق. كما أشار إلى أن مخيمات الهول وروج، التي تضم عناصر من داعش وعائلاتهم، تشكل تحديًا أمنيًا وإنسانيًا كبيرًا يتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا لمعالجته. أي انهيار في شمال شرق سوريا سيهدد المنطقة بأكملها. نحن بحاجة إلى مساعدة، وليس إلى ضربات عسكرية جديدة.”

واختتمت القسم الثاني من الجلسة بالتأكيد على أن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل يجب أن يقوم على حوار سياسي شامل يشمل جميع الأطراف السورية، مع دعم إقليمي ودولي لضمان نجاحه. كما شدد المتحدثون على أن المبادرات الدولية يجب أن تركز على معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، بدلاً من التعامل مع أعراضها فقط.

ملتقی الشرق الأوسط 2024

الجلسة السابعة – ب

مستقبل سوريا: آفاق السلام و إعادة البناء

30 تشرین الأول 2024

Comments are closed.