انقر هنا لتنزيل الملخص السياساتي
مقدمة
بالرغم من ان إيران والأحزاب الكوردية الموجودة في إيران منخرطة في نزاع مسلح متقطع على مدى عقود إلا أن إيران لم تستطع أن تجتث هذه الأحزاب وتقضي عليها، وعلى نحو مماثل، لم تكن هذه الأحزاب الكوردية المسلحة والمتواجدة في إيران قادرة على فرض مطالبها على الدولة لذا فهنالك حاجة لتقديم تنازلات من قبل الطرفين وقد أبدت الأحزاب الكوردية استعدادها للتفاوض مع الحكومة الإيرانية بشرط أن تكون الأخيرة اي الحكومة الإيرانية جدية في إيجاد حل دائم.
الأحزاب الكوردية المعارضة
هنالك العديد من الأحزاب الكوردية المعارضة التي تنحدر من الشعب الكوردي الموجود في إيران ومن بين هذه الأحزاب هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إيران والذي تأسس عام 1945 والحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي انفصل منه في إيران عام 2004. هناك ايضاً حزب كومالا (اي الجماعة) الإيراني الكوردستاني الذي تأسس في 1969 والذي انقسم الى فئتين اخرتين هما حزب كومالا الشيوعي في كوردستان وحزب كومالا الشيوعي في إيران. أعلن حديثاً الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إيران بأنه جدد نزاعه المسلح في إيران من أجل إجبار الحكومة الإيرانية منحها حقوقاً متساوية لأقلياتها الكوردية. كذلك من الأحزاب الموجودة في إيران حزب الحياة الحرة الكوردستانية ذات التحالف الوثيق مع حزب العمال الكوردستاني وهنالك ايضاً مجاميع صغيرة اخرى مثل حزب سازماني خبات.
تؤكد الأحزاب الكوردية الإيرانية مجتمعةً على أن نضالهم هو من أجل الحصول على الحقوق المدنية والسياسية للکورد في إيران وتجادل هذه الأحزاب بأن السياسة الإيرانية تُسيطر عليها جماعة عرقية واحدة وهم (الفرس) وطائفة دينية واحدة وهي (الشيعية) وبالتالي تدعي هذه الأحزاب بأنها تسعى جاهدة من أجل تحقيق حقوق متساوية للمجاميع العرقية والدينية المختلفة في إيران.
كما وتزعم هذه الأحزاب ايضاً على أن إيران ليست مهتمة حقاً بالمفاوضات السلمية فعلى سبيل المثال تتهم هذه الأحزاب إيران بأنها قامت باغتيال قادة أكراد إيرانيين من الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إيران مثل عبد الرحمن قاسملو (فيينا 1989) وصادق شرفكندي (برلين 1992) حيث انهم يؤكدون بأن قاسملو كان مشاركاً في مفاوضات سرية مع ممثلين إيرانيين بحسن نية لإعطاء فرصة لتحقيق السلام إلا انه قُتل على طاولة التفاوض.
الديناميات الداخلية
بالرغم من مطالب هذه الأحزاب الكوردية في إيران إلا انها تظل منقسمة حيث انهم لم يستطيعوا أن يخرجوا برؤيا واحدة او خارطة طريق حول الخطوات التي ينبغي أن يتبعوها معاً واضحى هذا الانقسام ضاراً لتطلعاتهم. في أواسط الثمانينيات مات المئات في القتال الذي وقع بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إيران وحزب كومالا. والتجزؤ المستمر واضح أكثر من خلال الانقسامات التي حدثت بين حزب كومالا والحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني القديم لذلك تحتاج المنظمات الكوردية المعارضة أن تأتي بمبادراتها الواقعية الخاصة بها وطريقتها التصالحية. كذلك يحتاجون أن يطوروا رؤيا موحدة لكيفية التعامل مع حكومة إيران والتصرف طبقاً لطريقة موحدة قابلة أن تؤخذ علی محمل الجد.
من جهة اخرى فان إيران تعتبر هذه الأحزاب الكوردية خارجة عن القانون وأعداء للدولة يعملون على تهديد سلام البلاد واستقرارها. ماتطبقه إيران هو ان الكورد أحرار في المشاركة في الانتخابات وممارسة السياسة ضمن القانون المسموح به في البلاد. وفي الواقع تم انتخاب الكثير من الأكراد في البرلمان الإيراني ويشغلون ايضاً مناصب حكومية ومع ذلك وفقط في الأونة الأخيرة رفضت السلطات في البرلمان الإيراني طلباً لتشكيل كتلة كوردية في البرلمان الإيراني.
الولايات المتحدة الأمريكية: معامل ترامب
ان انتخاب الرئيس الجديد في الولايات المتحدة قد يكون له انعكاسات كبيرة على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وبالأخص فيما يتعلق بإيران. قد يرغب صناع القرار والسياسة من الإيرانين أن ينظروا الى السياسات المحتملة للرئيس الأمريكي القادم تجاه إيران. وقد تعهد الرئيس المنتخب ترامب بالفعل بالغاء الاتفاق النووي الإيراني وعمل ايضاً على انضمام مجموعة متشددين الى ادارته على الأقل عندما يتعلق الأمر بإيران أمثال جون بولتون ورودي جيولياني وميت رومني. وقد اختار بالفعل كلاً من مايكل فلين كمستشار للأمن القومي ورينس بريبس كرئيس للأركان وهذان الاثنان من الشخصيات المتشددة المعروفة. لذا من المعقول أن نتوقع تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة في ظل الإدارة المقبلة. ويضاف الى ذلك فقد أقر الكونغرس الأمريكي حديثاً مشروع قانون لإعادة تفويض قانون العقوبات الإيرانية والتي كان من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في نهاية ٢٠١٥ ولمدة ١٠ أعوام اخرى ومع ذلك فإن هذا المشروع يتطلب ايضاً موافقة الرئيس الأمريكي ليُصبح قانوناً. ماتُظهره وتثبته هذه الديناميات الجديدة هو أنه سيكون هناك تركيز كبير من قبل الإدارة الجديدة على إيران وبالتالي فبمصالحتها مع الأكراد الموجودين فيها سوف يتم القضاء على امكانية أن تجتذب هذه القضية اهتماماً دولياً، مؤلفاً بذلك عاملاً اضافياً لاستهدافها من قبل إدارة ترامب.
السياق السياسي الاقليمي
يشهد جزء كبير من الشرق الأوسط حالة صخب سياسي ونزاع مسلح ولدى أيران حصة في معظمها ابتداءاً من الأزمة الموجودة في اليمن إلى الحرب القائمة ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في العراق والحرب السورية المتعددة الأوجه. إن الكورد العراقيين والسوريين في طليعة المقاتلين الذين يُقاتلون داعش وقد أضاف ذلك الكثير الى مكانتهم. لقد أنشأ الكورد في العراق كياناً فيدرالياً داخل العراق وهو مايسمى بـ (إقليم كوردستان العراق) والمُعترف به من قبل المجتمع الدولي والدستور العراقي في حين أدت الحرب في سوريا الى تأسيس إدارة كوردية فعلية اخرى في سوريا معروفة بـ الإدارة الفيدرالية روزئافا [كلمة روزئافا الكوردية تعني ‘غرب’ كوردستان]. تعد روزئافا حليفاً رئيسياً لقوات التحالف في القتال ضد داعش (باستثناء تركيا) إلى الحد الذي رفضت فيها الولايات المتحدة حتى الان طلبات تركيا للاختيار بينها وبين روزئافا. لذلك يجب على إيران والمعارضة الكوردية هناك أن تأخذ بنظر الاعتبار التغييرات السياسية الجذرية التي تحدث في الشرق الأوسط نظراً لإمكانية توافر علاقات أفضل بين الكورد في المنطقة ككل وفي إيران.
من خلال إقامة علاقات جيدة مع الكيانين الكورديين الموجودين في العراق وسوريا، بإمكان إيران زيادة نفوذها وتأثيرها في كلا هذين البلدين حيث أنه بوجود علاقات أحسن مع الكورد العراقيين ستكون لدى إيران مساحة أكبر في مستقبل مناطق عراقية بعد تحررها من داعش. وبشكل مماثل بغض النظر عن مصير حكومة الأسد في سوريا ستؤدي العلاقات الحسنة بين إيران وروزئافا الى حصول إيران على نفوذ أكبر في مستقبل سوريا. ومع ذلك فان تجديد التصادمات المسلحة وتدهور الوضع بين إيران وأحزابها الكوردية المعارضة سيكون له إمكانية ليس مجرد عرقلة تكوين علاقات أقوى بين إيران والكورد على النطاق الواسع وإنما ايضاً تأثيراً سلبياً عميقاً على هذه العلاقات.
في المقابل فإن تسوية منصفة مع الأحزاب الكوردية المعارضة أو منح الأكراد الإيرانيين حقوق متساوية سيؤدي الى مرحلة جديدة من علاقات أفضل ليس فقط بين إيران وأقلياتها الكوردية ولكن ايضاً بين إيران والكورد على نطاق أوسع. في نهاية المطاف ستقوي ذلك من وحدة إيران على النطاق الداخلي وستعزز ايضاً الوضع الاقليمي لإيران. لن تستطيع إيران أن تُحقق الزعامة الاقليمية التي ترغب بها دون التواصل الفعلي مع الأكراد الموجودين في البلاد والتعامل معهم كشركاء.
في الحقيقة تستطيع إيران وأحزابها الكوردية أن تستفيد من الحلول الموضوعة للنزاعات المسلحة الاخرى كالاتفاقية الحديثة التي تم توقيعها بين الحكومة الكولومبية والقوات المسلحة الثورية في كولومبيا حيث أن هذه الاتفاقية ستُنهي نزاعاً دام ٥٢ سنة والتي أودت بحياة الألاف من الناس وشردت الملايين. ومثال أخر هواتفاقية الجمعة العظيمة (نيسان ١٩٩٨) وايضاً اتفاقية القديس اندروز والتي أنهت نزاعاً دام ٣٠ سنة. ومع ذلك من المهم أن نلاحظ أنه سيكون من الصعب الوصول الى اتفاق خلال القتال المسلح وهذه نقطة ينبغي على الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إيران أن يأخذ حذره بشأنها.
توصيات
في ظل الديناميات السياسية الاقليمية الراهنة والناشئة ينبغي لإيران أن تنخرط في محادثات سلمية حقيقية مع أحزابها الكوردية المعارضة تهدف الى تسوية ذات فائدة متبادلة للطرفين. ومن شأن ذلك أن يُعزز من مكانة إيران كقوة اقليمية متزعمة وستكون إيران بذلك المستفيد الأول من هذا الأمر. ولكن ترك هذه القضية بدون حل قد يكون ضاراً لإيران والمنطقة بشكل عام وقد يكون له تأثيراً سلبياً على علاقات إيران مع الأكراد في المنطقة. على كل حال إن الطريق لبناء روابط أفضل مع الأكراد في الجوار يبدأ بالكورد الايرانيين اولاً وقبل أي شيء. أما بخصوص الأحزاب الكوردية نفسها فهم إذا أرادوا أن يُؤخذوا على محمل من الجد فيجب عليهم وضع خلافاتهم جانباً وعدم الإنخراط في نزاع مسلح والعمل من أجل تطوير رؤية واقعية واحدة يستطيعون أن يحققوها معاً.
انقر هنا لتنزيل الملخص السياساتي
للإقتباس:
Ali, H. (2016) Iran and its Opposition Kurdish Parties: The Need for Dialogue, MERI Policy Brief. vol. 3, no. 22.
الآراء الواردة في هذا المنشور تعکس آراء الكاتب وليس بالضرورة مٶسسة الشرق الأوسط للبحوث.