Back

كلمة افتتاحية منتدى العراق

السیدات والسادة، السلام علیكم

هذا هو المنتدى التأسيسي الأول في سلسلة من الفاعليات التي نسعى الى تنظيمها مستقبلا. وهدفنا في ذلك تأسيس منصة عراقية نوعية وفريدة تتشارك فيها القوى الوطنية وأصدقاء العراق الدوليين، فيتبادلون الآراء …ويتشاركون الرؤية…ويتقاسمون الأفكار ويتحاورن حول الاستراتيجيات والمستقبل لتقديم توصيات سياسية جريئة وضرورية ومصممة لمواجهة التحديات الرئيسية في البلاد.

 يأتي هذا المنتدى بعد ما يزيد قليلا عن ستة أشهر من تنصيب الحكومة الفيدرالية، وبالتالي فان الوقت مناسب لإلقاء نظرة على ما تحقق وتقييم التقدم الذي أحرز حتى الآن، للبناء عليه والمضي قدما للأمام

خلال اليومين المقبلين، يلقي المتحدثون والضيوف نظرة على مجموعة واسعة من أولويات السياسة ومبادرات الإصلاح المتعلقة بالنظام السياسي والأمني والمالي في البلاد، فضلا عن سبل إدارة إمدادات الطاقة والمياه، والنهوض بالخدمات العامة المقدمة لأبناء الشعب العراقي.

في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان العراق عالقا في خضم أزمة عميقة المت به بعد الانتخابات، وباتت تلك الازمة أطول مأزق سياسي ينتاب البلاد منذ تبني دستوره في عام 2005. واليوم، بشر تشكيل الحكومة الحالية بأجواء متفائلة وطموحة، تترافق مع ترحيب ملموس بالكيفية التي تدير بها شؤون البلاد والجهود المبذولة لتعزيز عمل المؤسسات الوطنية.

في الوقت الذي تعرض فيه الحكومة الميزانية الثلاثية الجديدة على مجلس النواب، فإنها تعي الحاجة الملحة للتصدي للفساد، والعمل على تنويع الهيكل الاقتصادي، والنظر في سبل تعزيز أمن البلاد، وتحسين العلاقات بين أربيل وبغداد، والانخراط مع المجتمع الدولي للحصول على الدعم اللازم لتحقيق رؤيتها الشاملة للنهوض الوطني. بعبارة أخرى، نحن الآن نستشعر درجة من الحياة الطبيعية تدب في أواصر الدولة والمجتمع العراقي، مع تركيز أكثر وعيا على القضايا الصحيحة، دون أن يتشتت انتباهنا بقضايا هامشية وصراعات جانبية تحرف بوصلتنا عن الاتجاه الصحيح.

ليس سرا أن العراق، كدولة ونظام حكم، يعاني من نقاط ضعف هيكلية وقصور وظيفي كبيرة. وينبع ذلك إلى حد كبير من عجز جهود بناء الدولة الحديثة والتراخي في تشيد صرح الوطن (أو الأمة) في سنوات ما بعد عام 2003، ولا يخلو الامر بطبيعة الحال من فشل جماعي في تطبيق الدستور على ارض الواقع، وترهل وغياب القدرة والمقدرة في تقديم المستوى اللائق والواجب من الخدمات لشعب بعظمة الشعب العراقي تضرب جذوره في اعماق التاريخ. وفي السنوات الأخيرة باتت الإخفاقات واضحة للعيان وبقدر ما كانت مسؤولة الى حد كبير عن الأزمات السياسية والأمنية والمالية العديدة التي عصفت بنا في السنوات الماضية، فان اخفاقتنا قد هوت بنا أحيانا كثيرة الى الحد الذي كاد ان يصيب البلاد بالشلل التام، لولا جهود المؤمنين بماضي وحاضر ومستقبل العراق.

عوامل كثر أضعفت الدولة العراقية من الداخل، وعوامل كثر أيضا حدت من مساهمة العراق الفعالة والايجابية بوصفه عضوا في المجتمع الدولي. لكن الوقت قد حان أيها السادة لعكس هذا الاتجاه. ووضع العراق على الطريق الصحيح …عراق يتمتع بالسيادة وبأداء وظيفي يترجم تلك السيادة الى مستوى اعلى من الخدمات المقدمة لشعبه، وهذا ما يتطلب منا أن نعالج المشاكل التي نواجهها الآن وجها لوجه، بثقة، وتحت قيادة قوية وعادلة.

إن العراق بلد غني، ينعم بموارد طبيعية وبشرية كبيرة. كما أنه یتمتع بمستوى غير مسبوق من الدعم الدولي. لا يوجد سبب متأصل لفشله. في حين أن عراقا ضعيفا وغير مستقر يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة بأكملها وخارجها، ولقد رأينا ذلك رؤيا العين. ويمكن للعراق الذي يعمل بكامل طاقته أن يلعب دورا قياديا على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

لذلك سيتم مناقشة عدد من الأسئلة الملحة والقضايا المحوریة خلال هذا المنتدى، ويسعدنا أن ينضم إلينا العديد من القادة العراقيين رفيعي المستوى والشركاء والدبلوماسيين الدوليين، إلى جانب صانعي السياسات البارزين والأكاديميين والصحفيين والمفكرين الاستراتيجيين. إذا كان بإمكان أي شخص أن يطرح هذه القضايا ويقدم توصيات عملية لصانعي السياسات والقرارات، فهو أولئك الموجودين في هذه القاعة. على الرغم من التحديات والشكوك، دعونا لا نقلل من تأثير حواراتنا خلال اليومين المقبلين في دفع هذه الحكومة إلى إحراز تقدم.

ويحدوني الأمل في أن يثير هذا المنتدى حوارات جادة ومفتوحة وذات صلة، وأود أن أحثكم على اغتنام الفرصة لإجراء تحليل نقدي، ومساعدتنا جميعا على فهم القضايا المعقدة بشكل أفضل وتقدیم توصيات سیاسية. لقد بدأنا هذا العمل أمس، بورشتین ممتازتين وحوار سیاسي، لمناقشة التقدم الذي أحرزته الحكومة الحالية، والتحديات التي تواجهها، والدعم الدولي الذي تتمتع به، واستراتيجية الولايات المتحدة في العراق والمنطقة الأوسع.

وستركز جلسات هذا الصباح على القضايا الحاسمة المتعلقة بمعالجة الفساد وإصلاح النظام المالي، والحاجة إلى الاستثمار في البنية التحتية للطاقة وتنويع الاقتصاد العراقي. في فترة العصر، سنناقش الجوانب الرئيسية لبناء الدولة، سواء بالنظر إلى دور المجتمع الدولي، أو في نظر بعض القادة السياسيين في البلاد.

ستغطي جلساتنا غدا العديد من التحديات البيئية التي تواجه البلاد بما في ذلك قضية إدارة المياه، وحاجة الحكومة الملحة إلى استراتيجيات للتخفيف من الآثار السيئة الناجمة عن تغير المناخ، وعلاقات العراق مع جيرانه، ودمج قوات الأمن العراقية، والحاجة إلى حماية هوية العراق متعددة الثقافات والحفاظ على الدعم والحلول الإنسانية.  ثم التركيز على تحسين العلاقات بين بغداد وأربيل، وتحديد أولويات العراق العاجلة في ظل الحكومة الحالية.

أن الأجواء مهيأ الان وأكثر من أي وقت مضى لإجراء حوارات تتسم بالنضج والواقعية، لكن قبل ذلك، لابد لنا من الإشارة والاعتراف بمساهمة العديد من الأشخاص والمؤسسات التي كانت السر وراء نجاح هذا المنتدی.

–      أشكركم جميعا على حضوركم ودوركم النشط في المنتدى.

–      أشكر المتحدثين الذين كانوا كرماء بوقتهم الثمين وعلمهم وخبراتهم، وخاصة أولئك الذين قطعوا شوطا طويلا ليكونوا هنا.

–      شكر خاص موصول لرعاة منتدى العراق، بما في ذلك الرعاة البلاتينيين: مجموعة كار للإسمنت، ومجموعة قيوان، وشركة نفط الهلال، والرعاة الفضيين، BP ومؤسسة كونراد أديناور شتيفتونغ.

–      أشكر UTV للرعایة الإعلامية ومنحهم حق البث للآخرین بدون مقابل، أشكر طاقمهم داخل وخارج القاعة

–      وأشكر وسائل الإعلام الأخرى والصحفيين على تغطية حوارات هذا المنتدى.

–      أشكر المترجمين ومنظمي شركة العلیاء على عملهم لتنظیم داخل القاعة.

–      أشكر مكتب دولة رئيس الوزراء على تقديم المساعدة من خلال فرق البروتوكول والأمن الخاصة بهم.

–      أشكر زملائي في مؤسسة ميري وشركائنا في مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية على عملهم الشاق.

–      أشكر مجموعة المتطوعين الشباب الذين عملوا بلا كلل وراء الكواليس لإنجاح هذا المؤتمر.

–      أشكر فندق روتانا بابل على استضافتنا وضيوفنا.

–      أشكر الشرطة والأجهزة الأمنية على إثبات الأمن.

أتمنى لكم جميعا مؤتمرا مثمرا وممتعا ومحفزا للتفكير.

Comments are closed.