Back

عدم المساءلة: التحدي المتمثل في متابعة الإصلاح في العراق

حوار ميري سیاساتي بالشراكة مع چاتام هاوس

تناول الحوار السياساتي الأخير الذي استضافته مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (MERI) بالاشتراك مع المعهد الملكي للشؤون الدولية في المملكة المتحدة (Chatham House) في 23 يناير/كانون الثاني 2024، الصراع العراقي من أجل سيادة القانون. فعلى الرغم من وجود دستور وجهاز بيروقراطي للدولة، إلا أن مساعي العراق لتحقيق سيادة القانون لا تزال شاقة. ما يثير القلق في العراق هو  غياب الإرادة السياسية والانتشار الواسع للإفلات من العقاب والفساد المستشري، حيث يتصرف الأفراد ذوو النفوذ فوق القانون. على هذه الخلفية، سلط هذا النقاش الهجين (عبر الإنترنت وحضوريًا) الضوء على الواقع المعقد للمشهد السياسي في البلاد، وعكس دراسة حديثة نشرها ريناد منصور، مدير مبادرة العراق في تشاتام هاوس.

أقر المشاركون في النقاش بأن فهم النظام السياسي والأمني العميق الجذور في العراق يتطلب النظر إلى الفساد  كمنظور مركزي تعمل من خلاله ديناميات القوة. ويتمثل تأثيره الواسع في إعاقة جهود الإصلاح وتغذية الإحباط الشعبي.

رغم كون المساءلة أداةً يفترض بها أن تكون دافعًا للإصلاح، إلا أنها تُستخدم في العراق غالبًا للمناورة السياسية وتسجيل النقاط. يؤدي هذا الاستغلال السيئ إلى جانب إشكاليات تنفيذ القانون بشكل عام إلى إضعاف فعالية هذه الآلية الرقابية، خاصة في دولة هشة مثل العراق. ومع ذلك، وفي خضم هذه التحديات، تولد الضغوطات الناتجة من  الرأي العام والتحولات الفكرية  بصيص أمل قد تؤثر على المساءلة حيث حدد المشاركون الحاجة الملحة لتغيير الخطاب حول المساءلة من كونها سلاحًا سياسيًا إلى التركيز على إمكاناتها كمحرك حقيقي للإصلاح.

تعمل بعض الثغرات المؤسسية، مثل غياب المحاكم الاتحادية، على تعقيد المشكلات القائمة. بالإضافة إلى ذلك، تشكل الشخصيات القوية التي تتحصن بعيداً عن المساءلة، فضلاً عن الإعلام المُتحكم به، تحديات جبارة على مسار الإصلاح.ومع ذلك، تُسلط موجة احتجاجات تشرين الأخيرة الضوء على تحول في الخطاب العام متمثلا بترسيخ السياسة المحلية ونشوء المجتمع المدني. وإدراكًا لإمكانات هذه الحركات الوليدة، شدد المشاركون على أهمية تمكين الأفراد داخل النظام الذين لا يزالون يحملون شغفًا بالإصلاح، وربطهم ببعضهم البعض. ومن خلال إنشاء شبكات ارتباطية وإبراز أصواتهم، يمكن لهؤلاء الفاعلين الداخليين للتغيير ممارسة تأثير أكبر والدفع نحو إصلاحات جوهرية من داخل النظام نفسه.

في ظل الأوضاع الراهنة، قد يبدو اليأس خيارًا مغريًا، إلا أن التفاؤل الحذر يقدم بديلاً يستحق التأمل. فمشاركة المجتمع المدني، وتمكين الأفراد، وتطور المشهد التجاري، كلها عوامل تفتح المجال للتغيير الإيجابي. أقر المشاركون بأن التطور المجتمعي عملية بطيئة، وأن البحث عن حلول مباشرة قد يكون سابقًا لأوانه. ومع ذلك، استمدوا الأمل من الشقوق التي ظهرت في النخبة السياسية التي تبدو متماسكة ظاهريًا، والتي سلطت الضوء عليها الحركات المجتمعية الأخيرة.في نهاية المطاف، يفشل النظام التوافقي الحالي في خدمة غالبية الشعب وهذا يتطلب إيجاد إطار يصب في مصلحة جميع العراقيين  مع العمل ضمن النظام القائم مع تعزيز الحوار والدعوة إلى الإصلاح.

– إدارة الورشة: دلاور علاء الدين، رئيس مؤسسة ميري
– تقديم الورقة: ريناد منصور، تشاتام هاوس، مدير مبادرة العراق
– المناقشون:
عبد الرحيم العقيلي، رئيس هيئة النزاهة سابقا
شهلاء الكلي، باحثة غير مقيمة، معهد الشرق الأوسط
ياما ترابي، مستشار فني لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمكافحة الفساد

Comments are closed.