كمؤسسة بحثية وكمركز لدراسة السياسات، فأن مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري) هي مؤسسة في طور النمو، حيوية وجزء من نشاط المجتمع المدني المحلي في إقليم كوردستان. وجوهر تميزها –كما أشارت البرلمانية العراقية السابقة، ونائبة رئيس “مؤسسة سيّد SEED” تانيا كيلي- كامنٌ في قُدرتها على الوصول إلى المسؤولين الحكوميين – دون تمييز – على جميع المستويات؛ وكذلك قُدرته على العمل ضمن المُجتمع؛ واستقلالها، حيث يسمح لها مجموع ذلك، لأن تكون بمثابة جسر بين الطرفين.
السيدة كيلي ترأست مائدة مُستديرة عُقدت في مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري)، ناقشت أحوال المُجتمع المدني في كوردستان، وكيفية إدائه لدوره، في محاورة الأكاديميين والمسؤولين الحكوميين والصحفيين والنُشطاء والمنظمات غير الحكومية، المحلية والأجنبية، والكيفية التي ترى هذه التنظيمات دور مؤسسة ميري وباقي منظمات المجتمع المدني الأخرى في كوردستان، وكيف يُمكن أن تتفاعل فيما بينها، ومع المجتمع، وكذلك الحكومة، لإحداث التغيير المُتصور.
هنا، يُشار إلى أن المُجتمع المدني هو “تجمع” المواطنين الذين ينظمون أنشطتهم التي تهدف إلى إجراء تغييرات أو تحسينات في مُجتمعاتهم. لكن إقليم كُردستان يجد نفسه في الوقت الراهن وهو يمرُ بأزمات أمنية واقتصادية، لذا فأنه بحاجة إلى إنشطة تعمل بتدخل المجتمع المدني في عملية “بناء الدولة”. حيث ناقش المشاركون في المائدة المستديرة الاحتياجات الأكثر حيوية في كردستان، وما يجب على المجتمع المدني أن يُعالج منها، وعرض المدخلات والاقتراحات التي يُمكن القيام بها، والتي يُود أن تُرى في مؤسسة ميري.
تأسست مؤسسة ميري لتكون مصدر قوياً للمعلومات المُساندة للإصلاحات الضرورية في كوردستان، وحتى في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ كما جاء بحث الزميل “ديف فان زونين” أثناء هذه المائدة المستديرة. ف”ميري” تُنتج البراهين من خِلال “الأبحاث المؤثرة على السياسة”، كما اقترح مُحلل البيانات الأكاديمية، وكبير الباحثين في مؤسسة “”You Gov خافيير برولو، حيث تحتل هذه المؤسسة الفكرية مكانة مرموقة في الأوساط الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية وصُناع القرار، التي تدرس القضايا في سياقات طويلة، وتُنتج الحلول المركبة للمشاكل المُعقدة.
في حين، أعرب العديد من المشاركين عن رغبتهم بقيام ميري بدورٍ فعالٍ في الضغط المباشر على الحكومة، بسبب سمعتها وقُدرتها على الوصول. ف”ميري” هي الانسب لتكون بمثابة جزء من آلة تغيير المجتمع المدني. حيث “الدعوات المُباشرة” للتغيير، ليست عادة من نِطاق و”سُلطات” معاهد السياسات أو المعاهد الفكرية، فهي عادة ما تُحلل السياسات الراهنة والمُمارسات والخيارات البديلة التي قد تقترحها على “صُناع السياسات”.
كجزء من العِمل، فأن يتطلب من مؤسسة ميري أن تُعلن بشكل فعال عن أعمالها، وكذلك التنسيق مع أنواع مختلفة من المنظمات، وتتمكن من تنفيذ أفكارهم. وقد تجلى ذلك مؤخراً من خلال إصدار تقريرٍ اقتصادي عن مؤسسة ميري؛ بعد شهورٍ من البحث على نقاط الضعف الهيكلية في اقتصاد إقليم كُردستان، وعديد المسوحات التي أُجريت مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، من مسؤولي حكومة إقليم كردستان، ومسؤولي البعثات الأجنبية التي لها مصلحة في مساعدة حكومة إقليم كُردستان العراق. في عرض مُحتويات التقرير، تمت مُناقشة المُقترحات المقدمة من قِبل مؤسسة ميري من قِبل صُانع القرار ورجال الأعمال، من أجل التوصل إلى الأهداف والخيارات السياسية المُناسبة.
“أعتقد أن البحث يجب أن يسيّر بإتجاهين”، كما ذكرت الزميلة في مؤسسة ميري نادية صديّقي:”ففي نهاية المطاف، إذا كان الجمهور هو أكثر معرفة بالأوضاع، فأنه يُمكن أن يُمارس المزيد من الضغوط على الحكومة لتُغيّر”. وبهذه الطريقة، سيكون هُناك تقسيم للعمل بين المُجتمع المدني التي تستخدم نقاط القوة في كُل القِطاعات، كما اقترح السيد برولو، فعلى المدى الطويل، يغدو جمع المعلومات وتحليلها، التي تأتي من المؤسسة المُستقلة مثل ميري، كذلك فأن المُنظمات غير الحكومية لها دور أكبر في تنفيذ الإجراءات السريعة؛ مع تمثيل حقيقي للجمهور العام، وبذا يُمكن المزيد من الضغط على الحكومة لاتخاذ الإجراءات المقررة.
أن المُجتمع المدني والجمهور العام في كردستان، وحتى حكومة الإقليم، يعرفون أنه ثمة حاجة للإصلاح. وعلى الرغم من مكانتها كإقليم قُدراته مُقيدة بشكل افتراضي بعمليات بناء “الأمة الكبرى”، فمِن المُمكن لكوردستان أن تجد طرقاً مُبتكرة لإجراء التحسينات الهامة. وتشكل مؤسسة ميري مصدراً في هذا المسعى، كما لاحظت “كازيزة بابيري” الناشطة الاجتماعية ومديرة العلاقات العامة في “فضائية روداو”، أثناء حضورها في هذا الحدث مائدة، ويمكن لمؤسسة ميري جمع الأفراد معاً وإجراء اتصالات، بما في ذلك المسؤولين من بغداد والحكومات الأجنبية، والمنظمات غير الحكومية الدولية.
على مُنظمات المُجتمع المدني في كردستان أن ترى في مؤسسة ميري كشريك، وليس فقط كمصدرٍ لتقديم المعلومات والتحليلات اللازمة، ولكن أيضا لتنسيق الأهداف الهامة مع المنظمات الأخرى.
طلبات أخرى قُدمت في هذا الحدث من المائدة المستديرة، كالمساعدة في بناء قُدرات المنظمات غير الحكومية على مستوى القاعدة الصغيرة في كردستان. أن الهدف بالنسبة لمؤسسة ميري لا يُحصر في أن تكون مُجرد “مؤسسة بحثية”، كما اقترح السيد برولو – ولكن لتكون متجاوبة مع بيئتها، فالكلمة المُفتاحية في أغلب الأحيان بالنسبة لمؤسسة ميري هي “التأثير”. التأثير الذي ليس مسعى مُستقلاً. بل ذلك الذي تشترك فيه بتحمل عبء التغيير مع نفس الجهات التي تملك نفس الأهداف.