Back

سهل نينوى ومناطق غربي نينوى – معوقات تحول دون عودة النازحين واستقرار المجتمع

تحليل تجميعي للدراسات والمؤلفات المنشورة

ملخص تنفيذي

تستحوذ الجهود المبذولة لتمكين النازحين في العراق من العودة إلى ديارهم على نحو مستدام على الكثير من المشاريع والموارد المتاحة من قبل عدد من الجهات المانحة الدولية. ومع ذلك، تظل هذه المشكلة على قدر خاص من التعقيد في محافظة نينوى تحديداً، وذلك لأن مسألتي النزوح والعودة تتأثران بتعقيدات تتصل بتاريخ طويل وفظيع من موجات العنف التي شهدها العراق، بما في ذلك الحروب والإبادة الجماعية والتمييز الممارس من قبل الدولة، وكذلك التغيرات الديموغرافية الممنهجة.

وعليه، فإن أزمات النزوح متجذرة في تاريخ نينوى حيث انها باتت تشكل جزءاً أساسياً من الذاكرة الجمعية حول البقاء والهوية والانتماء. وفي ضوء ما سبق، لا يمكن اعتبار النزوح عملية متسلسلة ذات اتجاه واحد أو تحكمها تجربة موحدة يمكن التعميم عليها في كل مكان وزمان، بل إنها تجربة تنطوي على تحولات وتحكمها عوامل جغرافية وجنسانية (جندرية) وأخرى تتعلق بالهوية.

يمثل هذا التقرير تحليلاً تجميعياً لمنشورات ومؤلفات كثيرة حول مسألة النزوح والنازحين في نينوى والمعوقات التي تحول دون عودتهم إلى ديارهم. بالإضافة إلى ذلك، يغطي هذا التقرير مجموعة رئيسية من الفجوات ذات الصلة بالتحليل والسياق الكلي، إذ يقوم على دراسات بحثية ميدانية يمكن الاسترشاد بها عند صياغة السياسات. وتسلط مختلف أقسام هذا التقرير الضوء على الاستنتاجات الرئيسية التالية:

  • يجب دراسة أزمة النزوح عبر النظر إلى مجموعة متنوعة من الأسباب والظروف المتعددة التي تؤدي إلى نشوء بيئة أو حالة واسعة النطاق من انعدام الأمن على المدى الطويل وعدم معرفة ما هو قادم على المستويين المحلي والوطني.
  • أدى انعدام ثقة المواطنين بقدرة الحكومة (سواء المركزية أو المحافظات أو الإدارات المحلية) والمؤسسات السياسية وقوات الأمن على حماية أهالي نينوى إلى نشوء علاقات بين المجتمعات وداخلها تخيم عليها التوترات والنزاعات وانتشار جماعات مسلحة استغلالية. ويمثل غياب الثقة هذا عائقاً أساسياً أمام عودة النازحين، وكذلك أمام تعزيز قدرة المجتمع على الصمود والاستقرار.
  • تحدث دينامیكيات وظروف النزوح والعودة في سياق خاص، ولا يمكن فهمها بمعزل عن غيرها من العوامل، إذ تشكل تحركات النازحين حصيلة لمجموعة متنوعة من التطورات المعقدة التي تتطلب فهماً متعمقاً وتحليلاً يراعي السياق، وهذه اعتبارات مهمة لصياغة وتصميم سياسات وبرامج ناجحة وطويلة الأجل.
  • قبل وأثناء وبعد مراحل النزوح، تصبح النساء مستهدفات ومستضعفات بطرق تختلف عما يتعرض له الرجال. كما عادة ما تُهمش تجربة نزوح النساء في المؤلفات والأبحاث المنشورة، وهذا بدوره له تأثير على مشاركتهن وحضورهن في المجالات السياسية والتنموية. إن تسليط الضوء على تجارب النساء أثناء النزوح أمر ضروري لتبني مقاربات مناسبة من شأنها أن تفسح المجال أمام تمكين النازحين من العودة إلى ديارهم بشكل آمن ومستدام، وكذلك المساهمة في تعزيز المساواة بين الجنسين عند خروج المنظمات الدولية غير الحكومية من المجتمع.
  • ساهمت أزمة النزوح الأخيرة في زيادة التوترات الاجتماعية، لا سيما بين الشبك والمسيحيين، في قضائي الحمدانية وتلكيف. إذ ينظر المسيحيون إلى ارتفاع نسبة العائدين من الشبك وتوسعهم الجغرافي المدعوم من قبل وحدات الحشد الشعبي في المنطقة على أنه تهديد لوجودهم المستقبلي في سهل نينوى. كما بات ينتاب المجتمع المسيحي مخاوف من التغيير الديموغرافي، فضلاً عن شعور قوي بالتهميش السياسي، وهذا ما يساهم في نشوء إحساس واسع النطاق بعدم معرفة ما هو قادم، وبالتالي التأثير على قرارات المسيحيين من ناحية مواصلة النزوح أو الهجرة إلى خارج البلاد. وبالتأكيد أن المخاوف من التغيير الديموغرافي والشعور بالتهميش موجود أيضاً لدى الأقليات الأخرى في نينوى.
  • لا شك أن الجهود، التي تبذلها وتقودها في الغالب منظمات دولية غير حكومية، ضرورية لعودة النازحين إلى نينوى، في ظل غياب سياسات وهيكلية تنفيذية واضحة المعالم لدى الحكومة العراقية من شأنها أن تمهد الطريق نحو الوصول إلى حالة من التماسك المجتمعي. ولكي تنجح جهود المصالحة، من الضروري فهم التحول الحاصل في دوامة العنف وتأثيره على سياسات الهوية ومشاركة المرأة، لما لذلك من دور أساسي في إمكانية الوصول إلى سلام مستدام.

تم جمع البيانات المستخدمة في هذا التقرير خلال الفترة الزمنية الممتدة من يناير/كانون الثاني حتى يونيو/حزيران 2019.

يضع هذا التحليل التجميعي موضوع عودة النازحين واستقرارهم في سياق تاريخ النزوح في نينوى، والذي يشكل العمود الفقري للتحليل المتبقي في هذا التقرير. وارتأى الباحثون تصنيف معوقات العودة إلى عوائق تتصل بالمكان وعوائق تتعلق بالهوية والانتماء وأخرى جنسانية (جندرية). وضمن كل فئة من هذه الفئات تم تحديد ومناقشة المعوقات الرئيسة التي تحول دون عودة النازحين.

 هناك عدة عوامل ذات صلة بعودة النازحين (انظر الجدول 1 أدناه)، وغالباً ما تكون هذه العوامل مترابطة ولا يجوز فهمها على أنها مستقلة عن بعضها البعض (مثل أن يكون الأشخاص النازحون داخلياً يندرجون تحت ثلاث فئات وليس بالضرورة فئة واحدة). كما قام الباحثون بتشخيص العوائق واقتراح حلول للتغلب عليها، وذلك من خلال إجراء تحليلات كمية وأخرى نوعية للأبحاث والدراسات المنشورة بهدف سد أية ثغرات بحثية. وقد تم كل هذا من خلال التركيز على ما يلي:

  • معوقات مكانية في أقضية الحمدانية والموصل وشيخان وسنجار وتلكيف وتلعفر.
  • معوقات ديموغرافية (الأیزیديين والمسيحيين والشبك).
  • معوقات جنسانية (النساء).
معوقات العودة والعوامل المزعزعة للاستقرار
العوامل الرئيسة المزعزعة للاستقرار المعوقات الرئيسة الماثلة أمام عودة النازحين القضاء
–        مخاوف أمنية والتواجد الكبير لقوات الحشد الشعبي

–        التعويضات ومتطلبات إعادة الإعمار

–        ضعف التنسيق بين المنظمات الدولية غير الحكومية وبين السلطات المحلية

–        الخلاف القائم حول إدارة هذه المنطقة والتنافس عليها بين الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كردستان

–       الصدمة النفسية

–       دمار المساكن

–       التغيير الديموغرافي والتمييز

الحمدانية
–        مخاوف بشأن عمليتي المصالحة والتعايش الأهلي

–        الفساد الواسع والمتجذر في السلطة المحلية

–        عدم وضوح إجراءات العدالة والمساءلة

–        تأثر التماسك الاجتماعي بين السكان في شرق الموصل وغربها بحالة من وصم ساکني شرق الموصل بالعار والانتقام منهم

–        وجود مخاطر من ردود فعل سياسية محلية على زيادة بروز وتأثير الجماعات العسكرية والسياسية المرتبطة بالمجتمع الشيعي.

–        تهميش غالبية السكان (النساء والأطفال والشباب) نتيجة لأعراف وتقاليد قبلية قديمة

–        الصدمة النفسية

–        قلة فرص كسب العيش ونقص الخدمات

–        المخاوف الأمنية، بما في ذلك التواجد الكبير لجماعات مسلحة مختلفة، وتواصل هجمات داعش، والألغام والعبوات الناسفة

 

 

 

 

 

الموصل
–        وجود عدد كبير من النازحين –        التغيير الديموغرافي في المنطقة

–        مخاوف أمنية

–        دمار المساكن

 

شيخان
–        قلة فرص كسب العيش وما يتبعها من اضطرابات

–        ضعف الاستثمار الجاد في عملية المصالحة ومعالجة الصدمات التي تعرض لها المجتمع

–        تواجد العديد من الأجهزة الأمنية التي تدير المشهدين السياسي والأمني في المنطقة بشكل لا يشمل الجميع

–        قد يؤدي الافتقار إلى قوة أمنية أو قيادة موحدة إلى نشوء فراغ من شأنه المساهمة في ظهور داعش مرة أخرى

–        مشاكل أمنية

–        ضعف الاستثمار الجاد في مساعي إعادة الإعمار

–        عدم امتلاك النازحين والعائدين وثائق ثبوتية متعلقة بالسكن وملكية الأراضي وغيرها من الممتلكات

سنجار
–        بالنسبة للأسر التي تعيلها امرأة وحيدة: التمييز والتحرش أو ما هو أسوأ

–        بالنسبة للشباب: محدودية فرص التعليم والعمل

–        الخلافات الداخلية بين التركمان الشيعة والسُنّة

–        تواجد مجموعات مسلحة مختلفة، حيث تدعم القوات الشيعية المهيمنة المجتمعات الشيعية فقط

–        قلة فرص كسب العيش

–        عدم وجود وثائق تثبت ملكية السكن والأراضي وغيرها من الممتلكات وضعف جهود إعادة الإعمار

–        انعدام الأمن والأمان

تلعفر
–        تواجد العديد من الفصائل الأمنية

–        تأثر التماسك الاجتماعي بالتغييرات الديموغرافية

–        تشكيك مكونات المجتمع ببعضها بعضاً ووجود مشاكل في تمثيل الأقليات

–        الخلاف القائم حول إدارة المنطقة

–        ارتفاع عدد القوات المحلية والهجينة وشبه الحكومية، والعسكرة العالية للمدن التي كانت فيها أعداد كبيرة من السكان في السابق

–        الحرمان من ممارسة الزراعة بسبب المتفجرات ونقص المياه

–        عدم وجود تعويضات والافتقار لمياه الشرب

–        زيادة الاحتكاكات والخلافات بين المجتمعات وداخلها

–        عدم امتلاك وثائق ثبوتية خاصة بالسكن وملكية الأراضي وغيرها من الممتلكات

–        قلة الإمكانيات المالية المطلوبة للعودة

–        دمار المساكن

تلكيف

معوقات تتصل بالدين والطائفة تحول دون التمكن من العودة  
     

المكون العرقي أو الطائفي المعوقات الرئيسة الماثلة أمام عودة النازحين
 
 
   
  الشعور بعدم الأمان في مناطقهم الأصلية؛
  عسكرة الانقسامات داخل المجتمع الإيزيدي؛
الإيزيديين عدم وجود تسوية سياسية بين أطراف النزاع، وخاصة في سنجار؛
الصدمة النفسية نتيجة الجرائم التي ارتكبها داعش؛
 
  هجرة أكثر من 100,000 إيزيدي إلى أوروبا بعد احتلال داعش لمناطقهم؛
  غياب العدالة والمصالحة مع العرب السُنّة.
   
المسيحيين مواصلة انتظار تحسن الحالة الأمنية وعدم وجود حماية دولية؛

قلة الوظائف والفرص الاقتصادية؛

انعدام الأمل بتحسن الوضع في العراق ووجود عامل جذب قوي نحو الهجرة إلى الخارج؛

غادرت غالبية المسيحيين البلاد بالفعل، ما خلق حالة من عدم التوازن بين عدد من بقوا وبين من هاجروا؛

تمدد الشبك جغرافياً في مناطق كان يسكنها المسيحيون تاريخياً.

توفر فرص عمل أفضل في مناطق النزوح؛

الشبك

وجود توترات اجتماعية مع العائدين.

معوقات جنسانية تحول دون التمكن من العودة

نوع الجنس المعوقات الرئيسة الماثلة أمام عودة النازحين
   
النساء تقييد الحركة بسبب الترهيب والاعتداء والتحرش، فضلاً عن مسؤوليات رعاية الأطفال والأعراف الاجتماعية؛
 
  احتياجات الحماية أثناء العودة وبعدها؛
  ظهور فرص وتطلعات جديدة عقب النزوح؛
  عدم الرغبة في العودة إلى بيئة تحكمها هياكل قمعية قديمة.

Comments are closed.