Back

الدعم العالمي للاستقرار وبناء الدولة في العراق: التحدیات والفرص

الجلسة الثانیة: الدعم العالمي للاستقرار وبناء الدولة في العراق: التحدیات والفرص.

  • ماثیو تویلر، سفیر الولایات المتحدة الأمریكیة في العراق
  • مارتین جیكر، سفیر ألمانیا في العراق
  • ألریك شانون، سفیر كندا في العراق
  • سرهنگ حمەسعید، معهد الولایات المتحدة للسلام
  • فرهاد علاءالدین، رئیس المجلس الإستشاري العراقي (مدیر الجلسة)

انقر هنا لعرض تسجيل الفيديو لمناقشات الجلسة الثانیة في منتدى الشرق الأوسط ٢٠٢١.

كان الهدف من عقد هذه الجلسة مناقشة الدعم الدولي للاستقرار وبناء الدولة في العراق، والتحديات أو الحواجز التي واجهوها.  وتم التركيز بشكل خاص على مستقبل قوات التحالف في العراق، وخاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من افغانستان.

وقد أوجز السفير الكندي أولريك شانون سياسة بلده والتزامه بالاستقرار في العراق. وكعضو نشط في حلف شمال الأطلسي وعضو قيادي في التحالف الدولي ضد داعش منذ البداية (2014)، تولت كندا قيادة هذه القوات خلال العامين الأولين. وبالتوازي مع ذلك، أنفقت حكومة كندا أكثر من خمسة ملايين دولار كندي في العراق منذ عام 2016، عبر قطاعات مختلفة، لدعم برامج تحقيق الاستقرار والمساعدات الإنسانية وبناء القدرات في العراق.

وعلى حد تعبير شانون، فإن الكنديين “ليس لديهم تاريخ طويل في العراق” ولكن في عام 2016 قررت حكومتهم الاستجابة للأزمة المتعلقة بداعش وتقدیم مساعدة كبيرة إلى العراق وسوريا ولبنان والأردن. كان هذا “أكبر برنامج مساعدة كندیة في الخارج من حيث الحجم”، وكان فريدا من نوعه من حيث أن العراق يعتبر بلدا غنيا بطبيعته ومع ذلك یقدم لە المساعدة. “حاليا، نحن ننظر في تغیر طبیعة العلاقة من المساعدة إلى علاقة أكثر شمولا تقوم على المصلحة الثنائية المعتادة، والتجارة، والاستثمار، والروابط بين الشعبین. وبالنسبة لنا، فإن ذلك يعكس نوعا من التطور الطبيعي للتطلعات في العراق”.

غير أنه وفقا لما ذكره السيد شانون، فإن هناك تحسينات ملموسة من حيث الأمن العام في جميع أنحاء العراق، ولكن لا تزال هناك مشاكل رئيسية في العديد من القطاعات، مثل الحوكمة، التي لا يمكن زيادة تحسينها بالدعم والبرمجة الخارجيين. واضاف “يجب ان ابرر لحكومتي والبرلمان المبالغ التي نستثمرها هنا. يجب أن أظهر النتائج وأن أظهر أن الشراكات التي نمارسها فيها في العراق عبر مختلف القطاعات هي شراكات صحيحة والشركاء الذين نعمل معهم جادون في العمل في المشاریع الذي نقوم به”. [ومع ذلك] لا تزال هناك مشاكل… فأن موقع العراق بین بلدان العالم في جداول التنمية البشرية ، كما لاحظته الأسبوع الماضي، ينخفض الآن إلى 123 من أصل 180 بلدا”. وما يمنعها من العودة إلى الأعلى هو العديد من القضايا التي لا يستطيع المانحون إلى حد كبير حلها من خلال البرمجة. نحن سعداء بتقديم المساعدة التقنية وأشياء من هذا القبيل، ولكن أعتقد بشكل متزايد أننا نركض نحو القضايا الأساسية للحكم التي لا يمكن حلها إلا من قبل العراقيين. لذلك، فإنني أشكك فيما إذا كان المزيد من المساعدات سيكون لها نتائج أفضل في ما شهدناه في السنوات القليلة الماضية”.

وكانت الولايات المتحدة الأكثر سخاء في مساعدة العراق في مختلف القطاعات. وقد ذكر السفير ماثيو تویلر عدة أمثلة حديثة على الدعم الأمريكي، بما في ذلك تقديم 500 ألف جرعة من اللقاحات المضادة ل “كوفيد-19” (Pfizer)  إلى وزارة الصحة العراقية، و155 مليون دولار تم إنفاقها في مجالات المأوى وإمدادات المياه والرعاية الصحية والغذاء وخدمة النظافة لأكثر السكان تبجلا في العراق. ووفقا لتويلر، دعمت الولايات المتحدة مشاريع في مجالات تغير المناخ، وقدمت 10 ملايين دولار لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق للقيام بأنشطتها ورصد الانتخابات العراقية الأخيرة. وهذه بالإضافة الی مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة لإصلاح القطاع الأمني وبناء القدرات في العراق.

كما أشار السفير تویلر إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع العراق التي تم توقيعها في عام 2008 بين البلدين. وقال إن “ركائز المشاركة في إطار هذا الاتفاق الاستراتيجي تغطي مجالات واسعة من التعاون ومواضيع مثل الصحة العامة والبيئة”. وأضاف: “أعطت إدارة بايدن الأولوية لقضايا مثل الطاقة النظيفة وتغير المناخ. وهذا بالطبع مهم جدا للعراق والتحديات الخاصة التي يواجهها هذا البلد والمنطقة. ونتحدث عن نقص المياه والاستخدام السليم لتلك الموارد. ونحن نعمل جنبا إلى جنب مع النظراء العراقيين على التعامل مع تغير المناخ والتكيف معه والتخفيف من آثاره، وخلق القدرات للتعامل مع ما قد نواجهه عالميا في العقود المقبلة”.

وعلى صعيد التعاون الاقتصادي، تواصل الولايات المتحدة جهودها لاستثمار وتعزيز القطاع الخاص في العراق، باستخدام المساعدات المقدمة من التعاون المالي الدولي. ووفقا لتويلر، يتم استثمار مليار دولار في هذه المنطقة في العراق.

ويشمل الإطار الأستراتیجي أيضا التعاون في مجال حقوق الإنسان والانتخابات. وأوضح السيد تویلر أن “الولايات المتحدة قدمت ما يقرب من 10 ملايين دولار لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق لإجراء أنشطتها ورصد هذه الانتخابات الأخيرة”. وكان ذلك بالإضافة إلى الدعم التقني الذي قدمته الولايات المتحدة عن طريق بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للنظم الانتخابية إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية. وقال “ان حصول الشعب العراقي لهذه الفرصة الرائعة [إجراء الانتخابات] التي شهدناها في بدایة هذا الشهر للتعبير عن إختیارە من حيث الحكم والتمثیل …  كان إشارة غير عادية إلى أن الديمقراطية يمكن أن تنجح، ويمكن أن تسود، ويمكن أن تزدهر هنا في هذه المنطقة. وبدعم من المجتمع الدولي، أود أن أعترف بأن المفوضية العليا في هذه الانتخابات تمكنت من إجراء ما يصفه العديد من الخبراء الآن بأنه أكثر انتخابات سلامة وشفافية من الناحية الفنية أجريت في تاريخ العراق”.

ويعتقد تویلر أن التهديدات التي وجهت بعد الانتخابات ضد من مكنوا إجراء الانتخابات “غير مقبولة ويجب أن ترفضها جميع الأحزاب”. وينبغي للأحزاب السياسية أو الجهات الفاعلة أن تتذكر أن “ما يهم الشعب العراقي حقا … هو الوظائف والاستقرار والكهرباء والخدمات والتعليم والرعاية الصحية. هذه هي الطريقة التي ستكسب بها الأحزاب السياسية ثقة الشعب العراقي وموافقته”.

وأضاف السفیر تویلر: “لذلك، كما ترون …. نحن نتشارك الشراكات والمصالح المشتركة التي تتجاوز مجرد الجانب الأمني….. كل هذه الركائز من مختلف المساعي التعاونية مع العراق تثبت أن الولايات المتحدة لديها في الواقع التزام طويل الأجل بهذه العلاقة التي سوف تساعد على الحفاظ على الازدهار والاستقرار والأمن على المدى الطويل في العراق. في جميع محادثاتي مع المحاورين العراقيين، الزملاء الدبلوماسيين، أصر كثيرا في التأكيد على أن التزام الولايات المتحدة بهذه العلاقة هو مصلحة استراتيجية طويلة الأمد. هذا شيء لن يتغير على مر السنين أو حتى العقود. إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن الشرق الأوسط، ونحن نرى بأن أمن الشرق الأوسط في كثير من النواحي یعتمد علی كون العراق دولة مستقرة قوية تحكمها المؤسسات وسيادة القانون. لذلك، فإن شراكتنا مع العراق لا تفيد الشعب العراقي وازدهار العراق وأمنه فحسب، بل نؤمن أيضا بازدهار وأمن المنطقة بأسرها”.

واعترف مارتن ياجر السفير الالمانى لدى العراق بان استقرار العراق له تأثير مباشر على اوربا. ومنذ عام 2014، خصصت الحكومة الألمانية أكثر من 3.4 مليار دولار لدعم مشاريع مختلفة في العراق، مثل برامج تحقيق الاستقرار والتنمية والأمن.

وأوضح السفیر یاجر أن “ألمانيا بلد متوسط الحجم … ما قاله السفير الكندي ينطبق على ألمانيا…. إلا أننا {الألمان} كننا مع العراق وفيه لأكثر من مائة عام. ربما بالنسبة لنا، العراق ليس بلدا بعيدا. إنه في حينا. الاستقرار في العراق له تأثير مباشر على الوضع في ألمانيا”. ووصف مسألة الهجرة بأنها مثال لتوضيح مدى قربها.

“كانت ألمانيا عضوا في التحالف الدولي لمحاربة داعش منذ البداية. فعلنا ذلك ليس فقط على الجانب العسكري حيث قدم الجيش الألماني مساهمة كبيرة، ولكن أيضا على جانب التنمية والاستقرار أيضا”. وقال “نحن [ألمانيا] سيكون لدينا حكومة جديدة قبل عيد الميلاد… ويمكن القول إن دور ألمانيا في الأمن والاستقرار في العراق ومساهماتها فيه ستستمر. سنحافظ على دعمنا في الحرب ضد داعش. وهذا يعني أيضا أننا سنظل في المستقبل عضوا في التحالف، وسندعم بشكل متزايد مهمة حلف شمال الأطلسي في العراق. وسنحافظ على مستوى دعمنا على الجانب الإنمائي أيضا”.

ويعتقد السفیر یاجر أن تحقيق الاستقرار في العراق هو حجر الزاوية في الحرب ضد داعش، التي تكمل عمل قوات الأمن العراقية وعمل التحالف الدولي. وأعرب عن اعتقاده بأنه “تم تحقيق أهداف حاسمة للإستقرار” وأن أكثر من 4.8 مليون من النازحين داخليا عادوا إلى ديارهم. ومع ذلك، “لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به في المناطق المحررة. ولهذا السبب ستواصل ألمانيا، بوصفها رئيسا مشاركا لقوة العمل المعنية بالإستقرار، تكريس جهودها”.

ووصف سرهنگ حمەسعید، من معهد الولايات المتحدة للسلام، استثمار منظمته الطويل في بناء القدرات المحلية في العراق. وكان عملهم هو دعم العراق خلال انتقاله نحو حكم شامل وديمقراطي وسلمي. وقد نشطت في مجالات النزاع وتسوية المنازعات، في حين دعمت منظمات المجتمع المدني في البلاد من خلال برامج ومشاريع مختلفة.

وقال حمەسعید “ان المعهد وقف الى جانب العراق وسيواصل الوقوف الى جانب العراق فى لحظاته العالية ولحظاته المنخفضة “. وقال “كانت هناك حاجة الى تحليل موضوعي وتقييمات موضوعية من خلال شركاء عراقيين [محليين]. وأحد شركائنا الذين نفخر بها كثيرا هي مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (میري) التي قامت بنفسها بإجراء بحوث عن الكيفية التي ترى بها الأقليات العرقية والدينية دوافع الصراع وكيف ترى المصالحة. هناك خمسة أجزاء من البحوث التي أنجزوها حول هذا الموضوع”.

وأضاف حمەسعید “لقد استثمرنا ايضا في خلق قدرة عراقية على حل النزاعات والصراعات بطريقة سلمية. وشمل ذلك دعم القدرات [البناء في داخل] منظمات المجتمع المدني، مثل [إنشاء] “شبكة الميسرين العراقيين” و”تحالف الأقليات العراقية، وسند لبناء السلام وغيرها الكثير. كما عملنا مع منظمات المجتمع المدني القائمة مثل منظمة تمكين المرأة وغيرها. وفي الواقع، كانت التحالفات النسائية ومنظمات المجتمع المدني بقيادة النساء من بين أكثر الجهود استدامة ونجاحا في العراق، ونحن فخورون بأن نكون جزءا من هذا الجهد”.

ثم أضاف حمەسعید: منذ عام 2014، كان دعم الحوار في المناطق المحررة من داعش، كجزء من مساعدة تلك المجتمعات على الاستقرار، جزءا أساسيا من عملنا. لقد عملنا بشكل وثيق مع الحكومة الاتحادية في العراق وحكومة إقليم كردستان ….. الذين كان لهم تاريخ طويل من الاستقرار الذي فرضته الدولة، ولكن بعد عام 2003 كان أملنا في المساعدة على تحقيق الاستقرار ….. من خلال الأخذ بتعريف الكلمة أبعد من مجرد الاستقرار المفروص من قبل الدولة… كما هو الحال في الديمقراطية حيث يكون المواطنون ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني وغيرها الكثير من المساهمين المهمين في تحقيق الاستقرار والحفاظ عليه”.

كما أوضح حمەسعید أن التحديات أو الأزمات يمكن أن تجلب فرصا للتغيير. غيرت احتجاجات عام 2019 طاقة البلاد وحققت بالفعل درجة من التغيير، مثل الحث على إجراء انتخابات مبكرة، وتغيير القانون الانتخابي وتشكيل محكمة اتحادية جديدة. “أعتقد أنه من المهم الحفاظ على هذا المستوى من التغيير مع إجراءات أخرى. ويشمل ذلك إعادة تنشيط [مجالس المحافظات]، و[إجراء] انتخابات جديدة على مستوى المحافظات لأن ذلك يشكل سلاما هاما للبنية التحتية الديمقراطية في العراق. وهذا يعطي الفرصة للشباب وغيرهم للمشاركة أكثر”.

ولوحظ أن دور الجهات الفاعلة الدولية، وخاصة الولايات المتحدة، قد تغير مؤخرا، مع التركيز على الأدوار الاستشارية بدلا من الدعم العسكري المباشر. ونوقشت مسائل الحواجز التي تحول دون إحراز تقدم وإيجاد شركاء مؤسسيين فعالين في العراق. وأشير إلى الشباب، وشحة الوظائف، وإصلاح النظام القضائي، ودور المرأة، ومحاربة الفساد، والهجمات الصاروخية على مطار أربيل، وكلها تمت مناقشتها في هذە الجلسة (انظر الفيديو).

وكان جميع المتحدثين يعتقدون أن العراق يختلف عن أفغانستان وأنه لا يمكن مقارنة هذين البلدين. وشدد ماثيو تویلر على ان “المصالح الاميركية هنا في العراق مختلفة جدا” عن مصالحهم في افغانستان. كما أكد أن الرسالة وراء الهجمات الصاروخية على مطار أربيل واضحة وأنها موجهة إلى وجود القوات الأجنبية في إقليم كردستان. لكن الهدف الحقيقي، كما أشار، في هذه الهجمات هو ضد حكومة إقليم كردستان والدولة العراقية. وأشار تویلر إلى دور إيران في العراق، وأنه ينبغي محاسبة بعض الجماعات المسلحة في العراق المدعومة من إيران على هذه الهجمات بالطائرات بدون طيار بالقرب من أربيل. يجب أن تكون هناك علاقة طبيعية وصحية بين إيران والعراق.

انقر هنا لعرض تسجيل الفيديو لمناقشات الجلسة الثانیة في منتدى الشرق الأوسط ٢٠٢١.

Comments are closed.