Back

أولويات السياسة العراقية: توصيات سياساتية من ورشة عمل دولية

أولويات السياسة العراقية
مخرجات ورشة عمل سیاساتیة دولیة

٦ الی ٧ دیسمبر/كانون الأول ٢٠٢٢
بغداد، العراق

ورثت الحكومة العراقية الحديثة التشكيل تحديات كبيرة تتطلب مواجهات فوریة وحلولا عاجلة. وتتراوح هذە التحديات مابين ارتفاع معدلات البطالة والانخفاض المستمر في الأداء الحكومي، والفساد المستشري، وتفاقم الضغوط، وديناميكيات القوة الإقليمية والعالمية الطاحنة. وفي حين يقع العبء على عاتق القادة السياسيين والحكوميين العراقيين للتصدي لهذه التحديات، يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب أدوارا رئيسية في توفير الدعم الذي تشتد الحاجة إليه.

یعتبر الكثیر من المراقبون بأن الحكومة الحالیة هي الفرصة الاخیرة للعراق، بعد ما وصل هذا البلد الغنی بثرواتە البشریة و الطبیعیة الی هذه الدرجة من الهشاشة، مع تراكم الأزمات والتحدیات السیاسیة والامنیة والمالیة والاقتصادیة والبیئیة، ناهیك عن التحدیات الخارجیة. وأمام الحكومة مدة قصیرة لتحقیق اهداف سریعة لمواجهة هذە التحدیات الکبیرة، بینما سقف التوقعات باتت مرتفعة جدا. لكن المهم في هذە المرحلة هو تقدیم رؤی وسیاسة وبرنامج واضحة قابلة للتنفیذ.

ومن هذا المنطلق، نظم مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (میري)، بالتعاون مع مركز البيان للتخطيط والدراسات، ورشة عمل خاصة، جمعت نخبة من الخبراء وقادة الرأي من كبار مراكز الفكر ومعاهد بحوث السياسات ووسائل الإعلام العالمية والإقلیمیة. وكان الهدف من ذلك هو تبادل الأفكار حول التحديات (بموجب قواعد تشاتام هاوس)، وفك رموز التعقيدات وتقديم توصيات ملموسة بشأن السياسات إلى دولة رئيس الوزراء وآخرون من صانعي القرار داخل حكومة العراق. وأصحاب الشأن عامة. وعلى مدى يومين، تمت تغطية أربعة مجالات سیاساتیة رئيسية كما یلي:

  • تحقيق الاستقرار في العراق وتعزيز مؤسسات الدولة
  • التصدي للفساد وإزالة معوقات الاستثمار
  • مواجهة تغير المناخ وشحة المیاە
  • الدعم والشراكة الدولية

أدی الحوارات ومداولات الورشة، التي حضر السید رئیس الوزراء محمد شیاع السوداني إحدی جلساتها، الی رفع مستوی فهم وتفهم الحاضرون للتحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة في العراق، وأبدوا استعدادهم لدعم جهود الحكومة، كل حسب منبرە وإمكاناته. وفي غضون جلسات الورشة، قدم الكثیر من المقترحات السیاساتیة التي یمكن تلخيصها بما یلي:

المقترحات العامة

١) یجب التمييز بين الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية في سیاسات الدولة العراقیة، في شتی القطاعات السیاسیة، والاقتصادية والأمنية والأخری. یمكن للسید رئیس الوزراء تشكیل عدة فرق عمل لأنجاز تقاریر سیاساتیة علی شاكلة خارطات طرق. وتتكون الفرق من باحثین وخبراء في المجالات المختلفة بالتعاون مع مستشارین مختصین علی مستوی مكتب رئیس الوزراء.

٢) صورة العراق في المسرح الدولي بما یخص الجانب الأمني والبیئة الإستثماریة ونظامي الاقتصادي والمالي لیست صورة حسنة. یمكن للحكومة تغیر ذلك من خلال خطوات عملية في تنويع الاقتصاد وإزالة العقبات الآنیة للإستثمار، بما فیها محاربة الفساد وضمان الشفافیة والعمل علی سیادة القانون وضمان سلامة وأمن المشاریع.

٣) هناك أكثر من خمسون مادة دستوریة ملزمة، والتي تساهم في بناء الدولة الفاعلة، لكن تنظیمها تنتظر التشریع. وهذا الفشل في التشریع أدی الی فراغات القانونیة وأصبحت دافعا إضافیا لهشاشة الدولة العراقیة، بغض النضر من التحدیات الخارجة عن المؤسسات. علی الحكومة الحالیة تشكیل لجنة خاصة بتشریع القوانین، وبالتنسیق مع اللجان الموجودة في رئاسة الجموریة، من أجل تقدیم جملة من التشریعات الملحة أو حث مجلس النواب لدفع ما هو موجود.

٤) یجب الاهتمام بالدراسات والبحوث التي يتم إجراؤها من قبل مراكز الفكر والبحث، ناهیك عن الجامعات، والاستثمار في دراسات أكبر لرسم سياسات الدولة بناء على الأدلة العلمیة. وتخصیص مقاعد البعثات للإختصاصات الإنسانیة، خصوصا في مجال السیاسة والسیاسات وقیادة المؤسسات والدراسات المجتمعیة.

النظام الاقتصادي والمالي

٥) هناك حاجة ملحة للتخطيط الاستراتيجي للاقتصاد، لتشمل جمیع القطاعات. فالعراق بحاجة الی رؤیة وستراتیجیة إقتصادیة بعیدة المدی، لتترجم لاحقا الی خارطة طریق عابرة للوزارات والقطاعات وموزعة علی محطات. ویمكن للحكومة تشكیل لجان علیا علی مستوی مجلس الوزراء لتشرف علی تطبیق خارطة الطریق هذە علی مراحل.

٦) وفي نفس السیاق، یجب تحديد ما يجعل العراق فريدا في اقتصاده الصناعي والزراعي، خصوصا في المجالات التي یمكن للعراق أن ینافس غیرە من الدول في المنطقة، وتشجيع هذە القطاعات لضمان نجاحها وإستمرارها.

٧) هناك رأي دولي یؤكد بأن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية یساعد العراق في مأسسة الدولة ونظامها الاقتصادي والمالي. ویقترح المراقبون أنە آن الأوان للتسریع بإنضمام العراق لهذە المنظمة التي تعود للعراق بفوائد كبیرة علی المدی المتوسط والبعید.

      أ) هناك رأي مخالف من قبل المستثمرین الداخلیین الذین یرون عدم التوازن في المنافسة الدولیة بین الدول النامیة والهشة مقارنة بالدول المتقدمة إقتصادیا. لذا، یظن هؤلاء بأن العراق لیس قادر علی الإستفادة من العضویة في منظمة التجارة العالمية.

      ب) أن التدقیق في هذا الأمر واجب وربما یقوي موقع الحكومة، وأن لاتكتفي الحكومة بالعمومیات والاراء الغیر مدروسة أو المعبرة عنها من قبل أطراف المصلحة.

٨) یقترح أن يكون لمكتب رئيس الوزراء لجنة خاصة لدعم المشاريع الصغيرة لحث الشباب علی الإعتماد علی النفس والإبداع والتقلیل من البطالة وتنشیط الاقتصاد المبني علی الأعمال الصغيرة والمتوسطة. وهذە المبادرة ستكون بمثابة بناء النظام الاقتصادي الحدیث من التحت الی الفوق، وبمشاركة الأغلبیة الشبابیة من الشعب.

٩) یقترح أن یعاد تأهیل مجلس الإعمار، لإعادة بناء البنية التحتية في جميع أنحاء العراق، وأن یكون هذا المجلس مرتبط بمكتب رئیس الوزراء مباشرة.

١٠) يعتبر الفساد الإداري والمالي من اهم معوقات الاستثمار والتطور في البلد ویجب أن یحتل المرتبة العلیا من أولویات الحكومة، اذ ان الفساد المستشري في مؤسسات الدولة تحول دون انجاز المشاريع وامتناع الشركات العالمية على المشاركة في إعادة الاعمار. يضاف الى ذلك استخدام الروتين والبيروقراطية كوسائل لابتزاز الشركات وعرقلة أعمالهم.

١١) لاشك أن القضاء علی الفساد یحتاج الی تشریعات من مجلس النواب، وقرارات وتعلیمات من الحكومة وتطبیقهم من قبل مؤسسات الدولة بما فیها السلطة القضائیة والتنفیذیة. یقترح تشكیل لجنة مختصة لدراسة الفجوات في التشریعات والقرارات والتعلیمات المانعة للفساد، وضیاغە ستراتیجیة قصیرة ومتوسطة المدی لملأ هذە الفجوات من قبل المؤسسات المعنیة، التشریعیة منها والتنفیذیة.

١٢) استمرار حملة مكافحة الفساد والتركيز على الإجراءات التي تسبب الفساد في دوائر الدولة، بالإضافة الى التوصل الى نتائج من كشف الفاسدين وتقديمهم للمحاكم، وإعلان التطور في نشاط مكافحة الفساد بشكل شفاف وبعيد عن الاستهداف السياسي، والتركيز على خطاب رئيس الوزراء بتقديم الفاسد للعدالة كائنا من كان.

١٣) یمكن للحكومة تفعیل دور المفتشین في كل مؤسسة للدولة، بما یساعد علی تطبیق القوانین والتعلیمات المؤسساتیة.

القوات الأمنیة العراقیة 

١٤) هناك حاجة آنیة لإعادة تنظيم وهيكلة القوات الأمن العراقية. یمكن لرئیس الحكومة، كقائد عام للقوات المسلحة، أن یبدأ مشروع بحثي لدراسة قضیة تفشي السلاح ومأسة عملیة القیادة والسیطرة لكافة القوات الأمنیة والمسلحة وترجیح كفة قوی الدولة علی كفة قوی اللادولة.

١٥) هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في مسألة التسلیح المتكرر والتنوع العشوائي في تجهیز القوات المسلحة العراقیة المختلفة. وینعدم التوازن في الوقت الحالي بین تسلیح المؤسسات المتخصصة والغیر متخصصة من حیث الكم والنوع.

١٦) حالة سنجار وغیرها من الحالات أصبحت شائكە وتتعقد مع الزمن، وإن تركت لطبیعتها، ستتعقد في السنین القادمة. یمكن للحكومة أن تبدأ بعملیة مركزیة یمكن لها أن تؤدي في النهایة الی عودة النازحین وإعادة الإعمار وإعادة الحیاة الی طبیعتها، وذلك بتنفيذ اتفاقية سنجار والعمل بها نقطة بداية إيجابية.

الشراكة الدولیة

١٧) رحب المشاركون بنهح الحكومة الجدیدة وإنفتاحها علی العالم علی أساس المصالح المشتركة وحسن الجیرة وتوازن القوی. یمكن توظیف الجو الإیجابي الحالي وبوادر حسن النیة تجاە العراق لجلب الإستثمار في شتی القطاعات.

١٨) هناك حاجة ماسة إلی إیجاد آلیات فعالة لمتابعة المشاريع والإتفاقات الدولیة، حیث أن العراق یفتقر الی ذاكرة مؤسساتیة في هذا المجال. فهناك إتفاقات ووعود تم إبرامها من قبل الحكومات السابقة، أو مشاریع أستراتیجیة ودولیة باشر بها حكومات سابقە ولم یتابعها الحكومات اللاحقة.

١٩) یقترح أعادة تنشیط اللجان الإقتصادية الثنائیة الموحدة بین العراق والكثیر من الدول وربطها مباشرة بمكتب رئيس الوزراء، وذلك من أجل تفعيل دور هذە اللجان للعمل مع تلك البلدان التي هي مهمة لاقتصاد العراق.

٢٠) العراق بحاجة الی نظام إنذار مبكر لالتزاماته الدولية، لتجنب الخسارة أو الإحراج أو التخلف عن دفع مستحقاتها في الوقت المحدد.

المناخ

٢١) مسألة تغیر المناخ باتت ملحة ومعقدة للغایة. الدولة بحاجة الی إستراتيجية واضحة لفهم التحدیات والتنبئات وتحدید ما يجب القيام به من قبل أصحاب الشأن حيال ذلك. من المتوقع أن یكون للحكومة برنامج معلن ومنشور لمواجهة تحدیات البیئة وشحة المیاە، وإدراتها من قبل الحكومة والمواطنین، خصوصا في قضیة دعم الفلاحین وحثهم علی إستعمال الأراضي الزراعیة وتشجیع صناعة الأغذیة. یمكن تشكیل لجنة علیا مختصة من رئاسة الحكومة، ومطعمة بالمختصین الداخلیین والأجانب لرسم هكذا خارطة طریق.

٢٢) یقترح توزیع ملف المناخ الی مكوناتها لدراستها والإهتمام المؤسساتی في الوزارات المعنیة بتبعات أزمة المیاە وطرق إدارتها أو الحد من نتائجها السلبیة. علی سبیل المثال:

     أ) الجفاف في المناطق الزراعیة والأهوار وتأثیرها علی الفقر، الصراع المجتمعي، التطرف، هجرة السكان من القری الی المدن وتدني المنتوجات الزراعیة في العراق ككل.

    ب) تراجع كمیات المیاە التي تدخل العراق من دول الجوار وتسیسها من قبل الحكومات.

    ج) الحد من سوء إدارة المیاە في العراق وحث المؤسسات المعنیة عل المستویین الوطني والمحلي علی إعطاء إولویة قصوی الی التقلیل من الهدر والنفایات والإستثمار في جمع المیاە وبناء السدود.

الجانب السیاسي

٢٣) یهتم المجتمع الدولي بالعراق لكونە دولة حیویة وإستراتیجیة في المطقة. هناك حالة تفاؤل حذر وحسن نیة تجاه العراق في الوقت الحاضر، ویمكن للحكومة إستغلالها بالعمل علی الإنفتاح وتوطید العلاقات عن طریق الإستثمار الفعلي وبخطوات عملیة تجاە جمیع أطراف الصراع العالمي.

٢٤) من المتوقع أن توضح الحكومة خططها بشأن إنتخابات 2023، من حیث تأریخ الإجراء وتحدید المیزانیة وكیفیة إخراج العملیة. اذ ان المجتمع الدولي ترقب ويراقب هذه العملية عن كثب.

٢٥) يسود حالة من الترقب عما يحصل على الساحة السياسية خصوصا بما يتعلق بالعلاقة بين الحكومة والإطار التنسيقي، والمعارضة المتمثلة بالتيار الصدري. استمرار الحكومة بالإجراءات الإصلاحية في الجانب المالي والإداري وسيلة مهمة لتقليل ضغط المعارضة في المستقبل.

المشاركون

ابتسام الكتبي،  رئيس مركز الإمارات للبحوث، الإمارات العربية المتحدة
أندرو باراسيليتي،  رئيس تحرير المونیتر، الولايات المتحدة الأمريكية
أحمد الطبقچلي،  زمیل زائر، جامعة لندن – LSE
بلال وهاب،  زميل أقدم، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
جوناثان لورد،  مدير مركز برنامج أمن الشرق الأوسط، الولايات المتحدة
جسیكا فندلي،  مكتب العراق، مؤسسة الجمهوریین الدولیة، الولايات المتحدة
دوغلاس أوليفان  زميل أقدم في مؤسسة أمريكا الجديدة، الولايات المتحدة
دلاور علاء الدين،  رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث، العراق
حمزة حداد،  زمیل زائر، المجلس الإوروبي للعلاقات الخارجیة
حمید الشطري،  رئيس جهاز الأمن الوطني العراقي
حیدر حنون،  رئیس هیئة النزاهة، العراق
طیف سامي،  وزیر المالیة، العراق
یوسف البلوشي،  أكادیمي في جامعة عمان، سلطنة عمان
لهيب هيغل،  زميل أول في مجموعة الأزمات الدولية، بلجيكا
لوكاس لامبرتي،  مدیر قسم الشرق الأوسط لمؤسسة كونراد أديناور، ألمانيا
لويزا لفلوك،  رئيسة مكتب واشنطن بوست في بغداد، الولايات المتحدة
مارك كميت،  مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العسكرية، الولايات المتحدة
محمد شیاع السوداني،  رئیس مجلس الوزراء العراقي
محمد علوية،  مركز عشتار لدعم الديمقراطية، العراق
محمد النجار،  مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الإقتصادیة
مظهر الجبوري،  نائب رئیس هیئة النزاهة، العراق
ستيف دريهاوس،  مدير، المعهد الديمقراطي الوطني العراقي، الولايات المتحدة
سيمونا فولتين،  صحفية خدمات الإذاعة العامة، الولايات المتحدة
عصام السعدي،  نائب مستشار الأمن القومي العراقي
عباس العامري،  المعهد العراقي للحوار، العراق
عباس كاظم ،  زمیل، أتلانتیك كاونسل، الولايات المتحدة
علي طاهر الحمود،  مركز البيان للتخطيط والدراسات، العراق
فرهاد علاء الدين،  مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية
فريد ياسين،  المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي المعني بالبيئة
رانیا العطار،  إعلامية وصحفیة
رناد منصور،  زميل باحث أول في تشاتام هاوس، المملكة المتحدة
توبي دودج،  أستاذ كلية لندن للاقتصاد، المملكة المتحدة
ابراهيم البغدادي،  رئیس المجلس الإقتصادي العراقي
باقر كاظم المشاط،  عضو مجلس ادارة المجلس الاقتصادي العراقي
جابر خليفة جابر،  مدیر شركة نفط الهلال – العراق
سليك نوري،  مدیر في شركة كار لصناعة الاسمنت، العراق
عبدالله القاضي،  مدير شركة نفط الهلال، الإمارات العربية المتحدة
فراس نعيم الميالي،  عضو المجلس الاقتصادي العراقي

توجیە شكر:

الشكرا موصول الی السیدات والسادة متسبي مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث و مركز البيان للتخطيط والدراسات الذین قدموا العون اللوجستي وساهموا في إنجاح الورشة، والی مؤسسة كونراد أديناور وشركة نفط الهلال وشركة كار لصناعة الاسمنت والمجلس الاقتصادي العراقي لرعایتهم الورشة.

Comments are closed.