دفعت سنوات من الصراع وعدم الاستقرار في سوريا أعداداً كبيرة من السوريين إلى اللجوء إلى إقليم كوردستان العراق المجاور. وقد استقر معظمهم في العاصمة أربيل، وتوزعوا في الأحياء الحضرية بدلاً من أن يكونوا محصورين في مخيمات رسمية. وعلى مر السنين، تعامل اللاجئون السوريون مع تعقيدات الحياة الحضرية وتأقلموا مع المشهد الاجتماعي والاقتصادي والمؤسسي في المدينة. ومع ذلك، وعلى الرغم من وجودهم المرئي ومدة إقامتهم، لا يُعرف الكثير عن كيفية اندماجهم في المجتمعات المحلية، وكيف ينظرون إلى هوياتهم ويتفاوضون بشأنها، وكيف يحافظون على سبل عيشهم، أو كيف يتفاعلون مع الأنظمة الإدارية والخدمية في أربيل.
بالاعتماد على العمل الميداني الكيفي والكمي الذي أجري في عام 2020، بما في ذلك المقابلات المتعمقة والملاحظة الإثنوغرافية والمسح الميداني، تستكشف الدراسة كيف يتفاوض اللاجئون على الهوية والوصول إلى سبل العيش والشعور بالانتماء في بيئة فريدة من نوعها سياسياً وشبه مستقلة إدارياً.
وفي حين وفّر إقليم كردستان العراق قدراً من الاستقرار والانفتاح – لا سيما بالمقارنة مع أجزاء أخرى من العراق أو المنطقة الأوسع – لا يزال اللاجئون يخوضون ظروفًا قانونية واجتماعية معقدة. ولا يتسم وجودهم بالاندماج الرسمي، بل بشكل من أشكال الإدماج المشروط: فهم معترف بهم ومقبولون، ويتم استيعابهم في نواحٍ كثيرة، لكنهم لا يزالون خاضعين لنوع من الريبة والشك التنظيمي وغياب مسارات واضحة طويلة الأجل للحصول على الحقوق أو المواطنة.
يسلط البحث الضوء على الاستراتيجيات المتنوعة التي يعتمدها اللاجئون لجعل الحياة ممكنة في أربيل. حيث ينخرط العديد منهم في العمل غير الرسمي في قطاعات مثل البناء والخدمات وتجارة التجزئة الصغيرة، وغالباً ما يعتمدون على شبكات الدعم داخل المجتمع المحلي. ويستطيع السوريون الناطقون بالكردية على وجه الخصوص الاستفادة من اللغة المشتركة والتقارب الثقافي لإيجاد موطئ قدم اجتماعي واقتصادي محدود. ومع ذلك، حتى أولئك الذين يندمجون بشكل أكثر وضوحًا، غالبًا ما يتعرضون لأشكال خفية من الإقصاء أو التمايز، خاصة في لحظات التفاعل المؤسسي.
وبدلًا من تأطير هوية اللاجئ على أنها ثابتة أو سلبية، يؤكد الفصل على الطبيعة المائعة والظرفية لكيفية تعريف اللاجئين لأنفسهم. يسلط البعض الضوء على هويتهم السورية في السياقات العامة والسياسية، بينما يستند آخرون إلى القرب العرقي أو اللغوي من الأكراد في العراق لتخفيف العلاقات الاجتماعية أو تحسين الوصول إلى الخدمات. هذه التحولات في الهوية ليست محض أدوات، بل تعكس توترات حقيقية بين انتماءات الماضي واحتياجات الحاضر وشكوك المستقبل.
ويشير الفصل إلى التحديات الهيكلية التي يواجهها العديد من اللاجئين، لا سيما فيما يتعلق بانعدام الأمن الاقتصادي، وعدم الوضوح القانوني، ومحدودية استخدام المؤسسات الحكومية. هذه القيود ليست شاملة للاجئين؛ فهي تختلف حسب الجنس والعرق واللغة والطبقة الاجتماعية داخل هذه الفئة. على سبيل المثال، غالبًا ما تكون فرص النساء في توليد الدخل والمشاركة العامة أكثر تقييدًا، بينما قد تواجه اللاجئين الناطقين بالعربية أو غير الكردية عوائق أكبر في القبول الاجتماعي.
في النهاية، يقدم هذا الفصل سرداً متعدد الطبقات للنزوح في إقليم كوردستان العراق، وهو سرد يتجنب السرد الثنائي المتمثل بالاندماج مقابل الإقصاء للجوء. ويدعو إلى مقاربات أكثر دقة لموضوع اللاجئين بشكل يراعي ديناميكيات الحكم المحلي، وتنوع تجارب اللاجئين، والحدود غير الواضحة بين الحماية الرسمية والديناميات غير الرسمية وكذلك الانتماء. وبذلك، يسلط الضوء على كيفية إعادة بناء حياة الناس في ظل قيود النزوح – ليس فقط كمتلقين للمساعدات، بل كفاعلين يتنقلون في مشهد حضري معقد ومتطور.