Back

زيارة وفد مؤسسة ميري للعاصمة الأمريكية واشنطن

من هنا  تنزيل PDF

قام وفد من باحثي مؤسسة الشرق الأوسط للبحوث (ميري) بزيارة عاصمة الولايات المُتحدة واشنطن اعتباراً من الخامس من شهر أيلول وحتى التاسع منهُ. كان الوفد يتألف من البروفيسور دلاور علاء الدين والباحثين المُقيمين في مؤسسة ميري ديلان أودريسكول، وخوكر وريا ، وديف فان زونن. التقى الفريق مع العديد من المؤسسات البحثية التي مقرها العاصمة واشنطن، وكذلك العديد من المُحللين السياسيين وكِبار مسؤولي الحكومة الامريكية والمُشرعين الأمريكان، لعرض نتائج أبحاثهم والتقارير التي نشرتها المؤسسة مؤخراً وکذلك لمُناقشة دور و انخراط الولايات المتحدة المتواصل في المنطقة.

خلال المهمة، كانت مؤسسة ميري تهدف لنقل ثلاث رسائل رئيسية:
أولا: شدد الوفد على ضرورة المشاركة المستمرة والبناءة من قِبل الحكومة الأمريكية مع الوضع السياسي الحالي في العراق وإقليم كُردستان. ففي السنوات الأخيرة، تمركزت سياسة الولايات المتحدة في العراق في المقام الأول على هزيمة تنظيم داعش. بدلاً من ذلك، فأن صُناع السياسة في الولايات المتحدة، وعلى وجه الخصوص في الإدارة المُقبلة، ينبغي أن يحددوا مصالح الولايات المُتحدة في العراق وإقليم كُردستان، وأن يوسعوا سياساتهم من هذه المسألة بشكل أكثر من السياسية الحالية المتبعة. فإذا كانت الولايات المتحدة مُقدمة على رفع مستوى جدول الأعمال العالمي بشأن السلام والاستقرار والحكم الرشيد، فإنها تحتاج لأن تدرك بأنها من ذوي العلاقة و ذات تأثير حيال الديناميكيات السياسية الداخلية في العراق. ثم تُجبر على دورٍ أكثر نشاطاً في القيادة السياسية، التي يُمكن أن تساعد في توجيه صُناع السياسات المحلية، من خلال إقامة التسويات، وبالتالي تجنب النزاعات المسلحة المحتملة، وتجنب المزيد من التفاقم في المستقبل.

ثانيا: قدم الدكتور ديلان أودريسكول تقريره الأخير “مستقبل الموصل، قبل وأثناء وبعد التحرير”. النقطة الرئيسية التي أثيرت في التقرير هي أن التخطيط غير العسكري من أجل تحرير الموصل أبعد ما يكون عن الكمال. فقبل الشروع في إي عملٍ عسكري في مدينة الموصل، يجب أن يكون هناك إعداد كبير لعملية تدفق النازحين، فضلا عن خطة قابلة للتطبيق لمرحلة ما بعد الصراع، في مسائل إعادة الإعمار والمصالحة والأمن. بالإضافة إلى معالجة الإخفاقات السياسية والهيكلية التي أدت إلى صعود تنظيم داعش في العراق، وبالتالي فأن ثمة حاجة إلى لأن يكون ثمة إتفاقية لإدارة مرحلة ما بعد داعش في نينوى، قبل أية محاولة للتحرير.

ثالثا: ناقش الباحثان ديف فان زونن وخوكر وريا نتائج أبحاثهم عن حالة الأقليات في “شمال العراق” والتوترات بين تلك الأقليات، وداخل كُل مجتمع منها، والتصورات حول المصالحة. الدراسة التي جرت بتكليف من المعهد الأمريكي للسلام، تجري في الوقت الحاضر وتستهدف خمسة مجتمعات من الأقليات الدينية والعرقية في العراق: اليزيديين والمسيحيين والتركمان، الصابئة المندائيين والشبك. كانت النتائج الأولية تكشف عن وجود مخاطر عالية لتجدد الاشتباكات المُسلحة من جديد، فيما لو هُزمت داعش وبقيت الخلافات بشأن الوضع السياسي والوضع الأمني في مناطق الأقليات المحررة حديثاً دون حل. من المُرجح أن يُسفر الحوار المجتمعي عن نتائج ذات معنى وتأثير إذا كان مدعوما ومروجا لە دولياً، من قِبل طرف ثالث مثل الولايات المتحدة.

شارك الفريق في اجتماعات المائدة المستديرة التي نُظمت في معهد السلام الأمريكي (USIP)، ومعهد بروكينغز (the Brookings Institution) ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ( the Washington Institute for the Near East). وتركزت المناقشات في هذه المٶسسات البحثية حول تقارير ميري الأخيرة والبحوث المتعلقة بالموصل وقضايا الأقليات، فضلاً عن الدينامييات السياسية الداخلية في العراق وإقليم كوردستان. وتضمن حضور الزُملاء في اجتماعات المائدة المستديرة كبار المحللين السياسيين من الادارة الامريكية الحالية، وكذلك من الأكاديميين والخبراء وكبار الباحثين من المؤسسات البحثية الأخرى التي مقرها العاصمة واشنطن، وكذلك العديد من المستشارين العسكريين من وزارة الدفاع وكبار قادة العمل الإنساني، ومسؤولين حكوميين آخرين. كما كان جميع المشاركين حريصون على سماع تحليلات باحثي مؤسسة ميري حول الوضع الحالي على الأرض في العراق، وكان ثمة جلسات من الأسئلة والأجوبة بعد مناقشات حيوية وكثيرة. حيث الزميل في مؤسسة بروكينغ “كينيث بولاك” أعرب عن تقديره لجهود مؤسسة ميري المستمرة، حيث تولى رئاسة إحدى الموائد المستديرة، فأشار قائلا: “قبل بضع سنوات، كُنا نستخدم محللي شؤون الشرق الأوسط، لندرة مؤسسات الفكر والرأي المحلية والتحليلات التي كانت من المنطقة. لكن الآن، وقد شغلت مؤسسة ميري هذه الفجوة، فأنها تساعدنا على فهم أفضل للديناميكيات المحلية والوضع الراهن على الأرض”.

وبالإضافة إلى ذلك، شارك الفريق في عدد من الندوات، ففي معهد هدسون (the Hudson Institute)، انضم البروفيسور دلاور علاء الدين والدكتور ديلان أودريسكول إلى مايكل بريكنت وبلال وهاب في ندوة لمُناقشة مسألة تحرير مدينة الموصل وتداعياتها. وترأس المناقشة في معهد هدسون الزميل اريك براون. أعضاء الفريق تطرقوا إلى جوانب مختلفة، تتراوح بين الحاجة إلى توفير بديلٍ سياسي للعرب السنة في العراق مع رحيل داعش، والحاجة إلی تواجد تخطيط شامل ودقيق للجوانب الإنسانية والعسكرية للهجوم، ولدور الإدارة الأمريكية القادمة في مرحلة ما بعد حُكم داعش، وكذلك لمسألة العراق وأزمته الاقتصادية.

عقد الفريق في مركز أبحاث السياسات الكردي ( the Kurdish Policy Research Institute) بعنوان “التدخل التركي في كردستان السورية وتداعياتها” حيث شارك البروفيسور دلاور علاء الدين بوجهات نظره حول الديناميكيات السياسية في كوردستان سوريا، ومُسببات عدم الاستقرار السياسي الراهن وسبل التخفيف من المزيد من التصعيد. وشملت قائمة المُشاركين الآخرين كُلٍ من أليسا ماركوس، كبيرة الصحفيين ومؤلف كتاب “الدم والمعتقد – حزب العمال الكردستاني والكفاح الكردي من أجل الاستقلال”، وكذلك صالح مسلم الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الذي خاطب الجمهور عبر سكايب. شريط فيديو لكامل المناقشة متاح هنا.

تخلل الندوات والمناقشات حول الموائد المستديرة اجتماعات مُغلقة مع كِبار صُناع السياسات والمشرعين والمحللين في الحكومة الأمريكية والحكومة الحالية. حيث كانت الأحاديث بشكل رئيسي حول قضايا الأقليات، والتوترات بين الطوائف ونهج المصالحة لمنع دورات العُنف المُقبلة. اجتمع فريق ميري مع الموظفين والمستشارين من أعضاء التجمع من أجل الحرية الدينية الدولي، وكذلك أعضاء الكونغرس آنا إيشو وخوان فارغاس وعضو مجلس الشيوخ بيل كاسيدي. والتقى فريق ميري أيضا مع السفير الأمريكي الدولي “المتجول” للحرية الدينية ديفيد سابرستين، ومستشاره الخاص لشؤون الأقليات الدينية في الشرق الأدنى نوكس تيمز. بالإضافة إلى ذلك، قدم الباحثان ديف فان زونن وخوكر وريا نتائج دراستهم حول رٶية المصالحة بين الأقليات، إلى اللجنة الأمريكية الدولية للحرية الدينية.

تغطية لقضايا الأمن القومي المحيطة بمدينة الموصل، والهجوم المُتوقع وضرورة المشاركة السياسية للولايات المتحدة مع حكومتي العراق وإقليم كوردستان، التقى الوفد ميري مع كبار أعضاء وزارة الخارجية الأميركية مثل نائب مساعد وزير الخارجية جوزيف بنگنتون ومارك ستوريلا، وكذلك أعضاء مجلس الأمن القومي – وجزء من المكتب التنفيذي لرئيس للولايات المتحدة. الرسائل الرئيسية نُقلت من خلال هذه الاجتماعات المعنية تمحورت حول الحاجة إلى زيادة نطاق مشاركة الولايات المتحدة للعراق وخصوصا في مسألة “هجوم الموصل” لتجاوز التركيز العسكري أحادي البعد، لتشمل المشاركة البناءة مع الديناميكيات السياسية في إقليم كُردستان والعراق. إذا ما کانت الولایات المتحدة مهتمة بالاستقرار المُستقبلي في أعقاب هزيمة داعش في الموصل، كما قالت بعثة ميري، فأنه يجب على الولايات المتحدة أن ترفع من حصتها في الديناميكيات السياسية الإقليمية، والقيام بدور أكثر فعالا والتأثير علی الجهات للقيام بالمساومات والتوصل إلی حلول وسط بين القوى السياسية الرئيسية بين إقليم كُردستان والعراق، وفي كُلٍ مُنهُما.

اختتم وفد مؤسسة ميري زيارته بعقد ندوة تفاعلية في “ممثلية حكومة إقليم كردستان” في العاصمة واشنطن، حيث تحدث البروفيسور دلاور علاء الدين إلى المُغتربين الكُرد، وأعضاء من مختلف الطوائف الدينية، وعددٍ من الأكاديميين والصحفيين، وذلك لمعالجة مُختلف الموضوعات. اعقبتها جُملة من التساؤلات والنقاشات الشيقة. حيث كان أفراد الجالية الكُردية حريصون على سماع وجهات نظر البروفيسور علاء الدين، حول مسألة الجمود السياسي الراهن في إقليم كوردستان العراق، ومستقبل مثلث العلاقة بين الموصل وأربيل وبغداد.
اُستقبلت جولة باحثي مؤسسة ميري في واشنطن من قِبل جمهورٍ حريصٍ على كسب المُعطيات الأكثر تطوراً ودقة، فيما يتعلق بالمعرفة السياسية والعسكرية والوضع الإنساني على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، عملت البعثة إلى زيادة عدد قراء تقارير مؤسسة ميري في دوائر السياسة ذات الصلة، وزيادة الوعي بشأن مؤسسة ميري وقُدراتها والخبرات الموجودة فيها ومجالات التركيز. هذه الزيارة ساهمت مٶسسة ميري في الدعوة المباشرة ل”توصياتها” المستقاة من أبحاثها الميدانية من خلال مناشدة كبار المسؤولين وصناع الرأي. كما وساهمت الزيارة في إحراز مزيدٍ من التقدم في المهمة الأساسية لمؤسسة ميري، لتحسين قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد في منطقة الشرق الأوسط.

 من هنا تنزيل PDF

Comments are closed.