Back

ميري تُنظم جلسة نقاشية تَستضيفُ فيها وفد معهد السلام الامريكي

لاشكَ أن العراق وإقلیم کوردستان يمران في المرحلة الحالية بأواقات غاية في الأهمية مليئه بالاحداث الخطيره کدحر تنظيم الدولة الإسلامیة عسكرياً وإجراء إقليم كوردستان لإستفتاء الإستقلال في ٢٥ أيلول / سبتمبر ٢٠١٧ وهو ما زادَ من حدة التوترات بين بغداد وأربيل. ومن أجل بناء أرضية مشترکة للتفاهم بين بغداد وأربيل، ينبغي على الجهات المحلية والوطنية والدولية العمل على إيجاد طرق للوساطة المثمرة بين الجانبين.

 قَدمَ معهد السلام الأمريكي (USIP) على مر السنين مساعدات مالية وتقنية مهمة للمؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية العاملة العراق والمختصة في شؤون المصالحة وبناء السلام. فعلى سبيل المثال، قامَ المعهد بتمويل العديد من المشاريع التي قامت بتنفيذها مؤسسة ميري، بما في ذلك مشروع دراسة رؤى الأقليات الإثنية والدينية عن الصراع والمصالحة بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية والتي تم نشرها في خمسة تقارير بحثية عن المسيحيين والايزيديين والتركمان والشبك والصابئة المندائيين.

في ١١ شباط / فبراير ٢٠١٨، عَقدت مؤسسة ميري جلسة حوارية وبحضور وفد رفيع المستوى من معهد السلام الأمريكي ومجموعة من قادة الرأي في إقليم كوردستان والباحثين الاكاديميين في مؤسسة ميري. وقد تم تنظيم الحدث وفقا لقاعدة تشاثم هاوس ( Chathom House Rules) . فيما يلي ملخص للمناقشة والاستنتاجات:

البحث عن التفاؤل في المستقبل

يَعيشُ العراق الأن فترة تاريخية أعقبت مجموعه من التطورات المهمة على مدى الأشهر الخمسة الماضية، بما في ذلك إستفتاء كوردستان، سيطرة  السلطة الاتحادية علی الأراضي المتنازع عليها وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية من الناحية العسکرية. وخلال الجلسة الحوراية التي نظمتها ميري، أكدَ المشاركون بأن النجاحات العسكرية الأخيرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لا تزال تؤثر إيجاباً على الأوضاع العامة في البلاد إذ لايزال النشطاء المحليين يطالبون بأن تتخذ الحكومة خطوات لإصلاح الحكم وتمكين حكم القانون وتحسين الخدمات.

ومع ذلك، يری الكثيرون بأن الحكومة العراقية لم تَستجب إلى حد كبير للمطالب والتوقعات الشعبية. وبالتالي، أخذ العديد من المواطنين يشعرون بخيبة أمل تجاه مُجمل العملية السياسية والديمقراطية ومستقبل البلاد، خشية أن تنتج الانتخابات البرلمانية المقبلة قيادة من الأحزاب السياسية الشيعية الذين سيعملون معاً لتشكيل الحكومة المقبلة والإبقاء على الوضع الراهن.

كما وناقش الحضور عدم قدرة الحكومة العراقية على بناء ثقة المواطنيين في مؤسسات الدولة أو فيما بين المجتمعات المحلية، وخاصة في المناطق المحررة من تنظيم داعش. ورغم أن الملايين من النازحين في الداخل عادوا إلى ديارهم إلا أن الكثير منهم لايزال يشعر بعدم الأمان، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التغيرات الديموغرافية المتفاقمة وتواجد عناصر تنظيم داعش وفشل قوات الأمن في إعتقالهم على الرغم من توفر معلومات إستخباراتیة من قبل المواطنين. وعلاوة على ذلك، لا يزال الملايين من النازحين في الداخل غير قادرين علی الرجوع إلى ديارهم، لا سيما الأقليات التي تفضل، كما توضح دراسة جديدة أجرتها  مؤسسىة ميري، إما البقاء في إقليم كوردستان العراق أو الهجرة إلى الخارج.

إستفتاء إقليـم كوردستان وتبعاته

لا يزال إقليم كوردستان يعيش في ظل تداعيات إستفتاء الإستقلال وهو ما دعى بالحكومة الاتحادية إلى فرض مجموعة من الإجراءات العقابية ضد الإقليم ، مثل إغلاق المجال الجوي للرحلات الدولية واستخدام القوات المسلحة في السيطرة علی المناطق المتنازع عليها، بما في ذلك محافظة كركوك الغنية بالنفط في 16  تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧. ويمثل هذا أحد أهم المنعطفات في العلاقات بين بغداد وأربيل. ومما يبعث على القلق هو طول مدة التدابير العقابية التي ادت إلى تخفيضات أكبر في رواتب الموظفين في كوردستان وإلحاق الضرر بإقتصاد الإقليم، وهو مازادَ من معاناة الموطنيين العراقيين هناك.

وفيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في 12 أيار / مايو 2018 ، َيمكن القول بأن الانتخابات ستؤثر على إحراز تقدمات كبيرة في المفاوضات الجارية بين بغداد وأربيل، حيث بدء السياسيون بإظهار مواقف متشددة وقومية ضد بعضهم البعض من أجل كسب الأصوات في الإنتخابات. في الواقع، فقدت بعض الأحزاب الكوردية الأمل في إحراز أي تقدم ملموس قبل الانتخابات حيث يرون في بغداد بأنها غير مهتمة باجراء مفاوضات جادة من شأنها معالجة القضايا الأساسية التي أدت إلى التشرذم في المقام الأول. بالإضافة إلی ذلك فأن ضعف حكومة إقليم كوردستان وتشتت الأحزاب السياسية الكوردية سيؤثران أيضا على كيفية تصرف بغداد مع الإقليم.

من الجدير بالذكربأن هناك شعورعام لدى الكثير في إقليم كردستان العراق بأن حكومة العبادي تُعاقب السكان الأكراد عموما، وليس السياسيين. ومن المرجح أن تؤدي هذه الإجراءات العقابية، والتي قد تزيد من سيطرة السلطات المركزية على إقليم كردستان العراق، إلى مزيد من القلق من جانب الأكراد الذين يشعرون بأن استقلالية إقليم كردستان العراق، كما هو منصوص عليه في الدستور العراقي،  بدأت بالتآكل.

ويشعر العديد من المواطنين الكورد بخيبة الأمل إزاء الدعم الأمريكي لرئيس الوزراء حيدر العبادي، وهو الامر الذي شجعه، إلى جانب الدعم الإيراني، على فرض الإجراءات العقابية والسيطرة علی الأراضي المتنازع عليها. ويمكن تفسير هذا الدعم الأمريكي من منظور استراتيجية الولايات المتحدة لإقامة عراق مستقر وآمن ومزدهر، مع كون إقليم كردستان العراق جزءا لا يتجزأ منه. ومع ذلك، فإن هذا النهج قد يضر هذه العملية كما أنه قد يؤدي إلى تنافر أكبر في العلاقة بين الأكراد وحكومة العبادي.

الجهات الدولية

تُريد جمهورية إيران الإسلامية أن يکون لها تأثيراً كبيراً في العراق. ويكاد يكون هذا التأثير مؤكدا ذلك لأن طهران قد نجحت في بسط هيمنتها علی نظام الدولة العراقية ومؤسساتها. وبطريقة مشابهة  لحزب الله اللبناني، من المرجح أن يفوز تحالف الفتح ،الجناح السياسي لقوات الحشد الشعبي المواليه لإيران، بعدد كبير من المقاعد البرلمانية في الانتخابات المقبلة، مما يعزز من نفوذ إيران على المستوى المؤسساتي. وعلى هذا النحو، فإن إيران لا تهتم كثيراً بالشخص الذي سيفوز بمنصب رئيس الوزراء بقدر إهتمامها أن يبقى العراق موحدا، ومادامت طهران قادرة على ممارسة نفوذها على المؤسسات وعلى المجتمع.

ورأى العديد من المشاركين في الجلسة الحوراية أن الهيمنة الإيرانية على عملية صنع القرار في العراق قد أوجدت بسبب الفراغ القيادي الناجم عن إنسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، وهو ما كانت إيران على استعداد لملئه. لذا فهناك حاجة إلى أن تقوم الولایات المتحدة الأمريكية بدور بناء وقيادي في الشرق الأوسط، وخاصة في العراق فلا الأوروبيون ولا الروس قادرون أو مستعدون لتقديم مثل هذه القيادة. في غياب ذلك، فإن إيران ستؤثر على مستقبل العراق بصوره أكبر.

لا ريب أن مشاكل العراق متعددة، وبالتالي لا ينبغي إختزالها في هزيمة داعش واقتلاع الفساد أو ما شابه ذلك. وعلى هذا الأساس، ينبغي بذل المزيد من الجهود لمعالجة مشاكل البلد المعقدة والمتشابكة. فمن الضروري إجراء إصلاحات هيكلية تشمل تعديل النظم السياسية والانتخابية في العراق. ومن غير المرجح أن تحدث مثل هذه التغييرات إذا ركزت الولايات المتحدة عدستها على تمكين الأفراد، بما في ذلك العبادي، وليس المؤسسات. ويجب أيضا تمكين الجهات الفاعلة على الصعيد المحلي من تقرير مصيرها والاستجابة للأنشطة الدولية.

تضمن الوفد رئيسة معهد السلام الأمريكي، السيدة نانسي ليندبرغ، ورئيس مجلس الإدارة، السيد ستيفن ج. هادلي، ومدير برامج الشرق الأوسط، سرهنغ حمە سعيد، ومدير البرنامج الإقليمي لبرامج الشرق الأوسطا القائم في العراق أسامة الغريزي والسيدة جود خلف.

Comments are closed.