Back

السياسة الأمريكية الناشئة تجاه العراق وإقليم كوردستان

عقدت مٶسسة الشرق الأوسط للبحوث ( ميري) في يوم الخميس المصادف 30 أذار، جلسة نقاشية خاصة حضرتها عدد من  الدبلوماسيين والمحللين السياسيين وكذلك مسؤولين رفيعي المستوى في حكومة إقليم كوردستان لمناقشة توقعاتهم المتعلقة بالسياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل خاص على العراق وإقليم كوردستان العراق.

على الرغم من أن الكثير يبقی مبهما في غياب سياسة أمريكية محددة تجاه ‌إقليم كوردستان والعراق وكذلك الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلا أن الحاضرون اتفقوا عموماً على أن هناك نقطتان  رئيسيتان من شأنهما توجيه مسار  السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط: (1) هزيمة داعش، و(2) الحد من النفوذ الإيراني. ومن العوامل الهامة الأخرى والتي من المرجح أن تٶثر علی السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي التخفيضات المقترحة لإدارة ترامب في الميزانية، ولا سيما تخفيضات ميزانية وزارة الخارجية، حيث يقترح البيت الابيض تخفيضات تصل  إلی 28٪ في المساعدات الخارجية والدبلوماسية الامريكية لميزانية العام المقبل والتي لا يزال الكونغرس بحاجة الى الموافقة عليها قبل السنة المالية المقبلة التي تبدأ في 1 تشرين الأول.

معلوم أن الإدارة الأمريكية الحالية تهيمن عليها رجال الأعمال وقادة الجيش السابقين على إلى حد كبير، وهذا يمثل تحولاً كبيراً في طريقة صياغة السياسات واتخاذ القرارات. وسيكون لتخفيضات الميزانية تأثيراً هائلاً على ما تقوم به الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إقليم كوردستان والعراق. وبمجرد الموافقة على هذه الميزانية من قبل الكونغرس، سوف نعرف ما ستركز عليه الولايات المتحدة في سياستها الخارجية. وإدراكاً منها بالأثر الضار الذي قد تُشكلها هذه التخفيضات في الميزانية على التواجد الأمريكي في المنطقة، عبر المشاركون علی قدر من عدم التفاٶل بشأن احتمال توسيع الشراكة العسكرية الحالية بين الولايات المتحدة وإقليم كوردستان بعد هزيمة داعش. علاوة على ذلك، يشك البعض في أنه ستكون هناك سياسة خارجية واضحة ومحددة تجاه العراق. ويبدو أن الولايات المتحدة تركز على حل الأوضاع في سوريا والحد من النفوذ الإيراني، ولكن خفض الميزانية سينعكس بشكل كبير في سياساتها في العراق. وقد لا ترغب الإدارة الامريكية الجديدة فى انفاق اموال كبيرة على حل االمشاكل المتواجدة فى العراق.

أما في أوروبا، فالواضح أن هناك اتجاه مماثل. كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث فاز ترامب بالرئاسة من خلال برنامجه المعلن ’أمريكا أولا‘، هناك شكوك متزايدة بين دافعي الضرائب في أوروبا حول ما إذا كانت ينبغي أن تنفق أموالهم في معالجة الأسباب الجذرية للصراعات في الشرق الأوسط والتي تشمل مشاكل تتعلق بغياب العدالة والمساءلة في العراق وإقليم كوردستان. هناك نقاش كبير حول ما إذا كان ينبغي أن تشارك الولايات المتحدة وأوروبا في المساعدة في حل هذه القضايا. كما وأشار المشاركون إلی أن سيادة القانون في العراق وإقليم كوردستان العراق قد تدهورت إلى مستويات خطيرة وينبغي أن يولی الأولوية القصوی لإجراء إصالاحات قانونية  وإعادة تفعيل البرلمان في إقليم كوردستان ، إذ أن هذين الموضوعين تمثلان أحد العقبات الرئيسة في شراكة حكومة إقليم كوردستان مع الغرب.

بالإظافة إلی ذلك ، لم يتوقع المشاركون في الجلسة حدوث تحول كبير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه العراق وأعتبروا التحرك بعيداً عن السياسة السائدة المتمثلة بـ’العراق الواحد‘ أمرا غير مرجحاً. كما وأشاروا إلی أنە من وجهة نظر الحلفاء الدوليين، أن سياسة ’العراق الواحد‘ سوف لن تتغير، وذلك لأنه من الناحية الإستراتيجية يشكل إقلیم کوردستان حليفاً أکثر فائدة في الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة عندما يکون جزءا من العراق، بدلاً من أن يكون بلدا صغيرا يعتمد اعتماداً كبيراً على العلاقات الودية مع جيرانه.

ومع ذلك، فإن العلاقات الأمريكية مع بغداد من المرجح أن تتغير بمجرد هزيمة داعش. ومع تأثير إيران المتزايد على بغداد، وضيق النطاق لتواجد شراكة استراتيجية في غياب عدو مشترك، قد تبدأ المصالح الأمريكية والعراقية في التباعد، وقد تفشل العلاقة الاستراتيجية القائمة حالياً بين بغداد و واشنطن.

في النهاية، يبدو أنه على الرغم من إبداء النوايا الحسنة من قبل إقليم كوردستان لتوسيع الشراكة الحالية المبنية علی الجانب العسکري لتشمل الاقتصاد والتبادلات الثقافية، فإن الولايات المتحدة قد تكون مقيدة بتأثير العوامل المحلية. ومع محدودية الميزانية والشكوك المتزايدة بين سكانهاحول كيفية إنفاق الأموال، فإن توسيع نطاق الشراكة سيكون محدودا، حيث سيتعين على واشنطن أن تتخذ قرارات صعبة فيما يتعلق بكيفية تخصيص مواردها. والعراق، بما في ذلك إقليم كوردستان ، قد لا يكون على رأس القائمة.

إن فشل الولايات المتحدة في تولي القيادة في الشرق الأوسط وفي الاستفادة من المكاسب التي تحققت في الحرب ضد داعش، بما في ذلك التعاون المتزايد بين أربيل وبغداد، يمكن أن يدفع المسؤولين المحليين من كلا الجانبين إلى تحمل المسؤولية والعمل بشكل مستقل من أجل إيجاد حلول. وأن هذا لفشل ، قد تٶدي إلی فشل  المفاوضات المستقبلية  الحافلة بالتحديات لأنه في ظل غياب وسيط قوي ومحايد، ستنشأ بطبيعة الحال معضلات أمنية في بيئة محرومة من آليات المساءلة وسبل منع التجاوزات. الزمن كفيل بتوضيح ذلك فقط ، ولكن الشئ الواحد الواضح هو أن أوقات صعبة قادمة.

ترأس الجلسة النقاشية  رئيس مٶسسة ميري ،دلاور علاء الدين ، وحضرها باحثي مٶسسة ميري  بالإضافة إلى المشاركون أدناه:

  • فلاح مصطفى، مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كوردستان بدرجة وزير
  • كين غروس، القنصل العام الأمريكي
  • جانيت ألبيردا، القنصلة العامة الهولندية
  • دومينك ماس، القنصل العام الفرنسي
  • كريستوفر برغر، نائب القنصل العام الألماني
  • سفين دزيي، المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كوردستان
  • سعدي بيره، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني
  • هوشيار سيويلي، مسؤول مكتب العلاقات الدولية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني
  • شيركو جودت، عضو برلمان، وعضو قيادي في الاتحاد الإسلامي الكوردستاني
  • ئاوات علي، عضو مجلس محافظة كركوك
  • فوزي حريري، وزير التجارة السابق في العراق
  • زمكان علي سليم، استاذ في جامعة السليمانية

Comments are closed.